واعتام الموت النفوس أولا أولا، لأنه يجري في أحدها حالا بعد حال كجري السابح في الماء، وأصل الباب السبح.
وقوله: (ثم بعثه) يعني أحياه. وقوله: (كم لبثت) موضع نصب بلبثت، كأنه قيل: أمائة سنة لبثت أو أقل أو أكثر؟ فقال (لبثت يوما أو بعض يوم) لان الله تعالى أماته في أول النهار وأحياه بعد مائة سنة في آخر النهار، فقال:
" يوما " ثم التفت فرأى بقية من الشمس فقال " أو بعض يوم ". واللبث المكث، لبث لبثا فهو لابث وتلبث تلبثا إذا تمكث ولبثه تلبيثا، وأصل الباب المكث.
وقوله: (فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه) معناه لم تغيره السنون.
وقيل: كان زاده عصيرا وتينا وعنبا، فوجد العصير حلوا، والتين، والعنب كما جناه لم يتغير، أو هو مأخوذ من السنة، والأصل فيه على قولهم: سانيته مساناة إذا عاملته سنة سنة أن يكون في الوصل لم يتسن، نحو لم يتعد، والأصل الواو، بدليل قولهم سنوات فإذا وقف جاء بهاء السكت، ويجوز أن يكون على قولهم: سانهة وسنهات، واكتريت مسانهة. والهاء على هذا أصلية مجزومة بلم، ولا يجوز أن يكون من الاسن، لأنه لو كان منه لقيل لم يتأسن. قال الزجاج لا يجوز أن يكون من قوله: " من حمأ مسنون " (1) لان معنى مسنون منصوب على سنة الطريق قال الشاعر:
ليست بسنهاء ولا رجبية * ولكن عرايا في السنين الجوائح (2) فجعل الهاء أصلية. والسنهاء: النخلة القديمة، لأنه قد مرت عليها سنون