الله "، فيكون سواء من صفة الكلمة في اللفظ، والمعنى. ويجوز أن يكون موضعه خفضا على البدل من الكلمة، وتقديره تعالوا إلى ألا نعبد إلا الله، وكذلك جاء مالا يصلح للأول على الاستئناف، نحو " الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد " (1) وكذلك " أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم " (2). الثاني - أن يقع بمعنى المصدر في موضع الصفة الجارية بتقدير (كلمة) مستوية " بيننا وبينكم " فيها الامتناع من عبادة غير الله. وإنما جاز، لان لا نعت بغير معنى الكلمة، فصار بمنزلة إضمار الكلمة. والفرق بين كلمة عدل وكلمة سواء (أن " كلمة سواء ") بمعنى مستوية وأن عدل بمعنى عادلة فيما يكون منها، كما تقول رجل عدل أي عادل، فاما كلمة مستوية فمستقيمة، كما يقال. الرجل مستو - في نفسه - غير مائل عن جهته فلذلك فسر سواء على الوجهين، فكان يجوز في العربية الجزم في " ألا نعبد إلا الله " على طريق النهي، كقولك اتني وقت يأتي الناس لاتجئ في غير ذلك من الأوقات، ويجوز فيه الرفع أيضا بمعنى الحكاية على أن تقول " لا نعبد إلا الله " وأجاز الفراء الجزم عطفا على موضع (أن) لأنها في موضع جواب الامر على تقدير " تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا " كما تقول: تعالوا لا نقل إلا خيرا، وهذا لا يجوز عند البصريين، لان (أن) لا توافق معنى الجواب كالفاء في قوله: " فأصدق وأكن من الصالحين " (3) كما توافقه " إذا " في قوله: " وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون " (4) واللام في قوله: " فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " إنما اتصل بما قبله على تقدير: قابلوا إعراضهم عن الحق بخلافه للانكار عليهم وتجديدا للاقرار به عند صدهم أي أقيموا على إسلامكم، وقولوا لهم: " اشهدوا بأنا مسلمون " مقيمون على الاسلام.
(٤٨٩)