نظر الدهر إليهم فابتهل (1) أي دعا عليهم بالهلاك كاللعن، وهو المباعدة من رحمة الله عقابا على معصيته فلذلك لا يجوز أن يلعن من ليس بعاص من طفل أو بهيمة أو نحو ذلك، وقال أبو بكر الرازي: الآية تدل على أن الحسن والحسين ابناه، وأن ولد البنت ابن علي الحقيقة. وقال ابن أبي علان: فيها دلالة على أن الحسن والحسين كانا مكلفين في تلك الحال، لان المباهلة لا تجوز إلا مع البالغين.
واستدل أصحابنا بهذه الآية على أن أمير المؤمنين (ع) كان أفضل الصحابة من وجهين:
أحدهما - أن موضوع المباهلة ليتميز المحق من المبطل وذلك لا يصح أن يفعل إلا بمن هو مأمون الباطن مقطوعا على صحة عقيدته أفضل الناس عند الله.
والثاني - أنه صلى الله عليه وآله جعله مثل نفسه بقوله: " وأنفسنا وأنفسكم " لأنه أراد بقوله: " أبناءنا " الحسن والحسين (ع) بلا خلاف. وبقوله: " ونساءنا ونساءكم " فاطمة (ع) وبقوله: " وأنفسنا " أراد به نفسه، ونفس علي (ع) لأنه لم يحضر غيرهما بلا خلاف، وإذا جعله مثل نفسه، وجب ألا يدانيه أحد في الفضل، ولا يقاربه. ومتى قيل لهم أنه أدخل في المباهلة الحسن والحسين (ع) مع كونهما غير بالغين وغير مستحقين للثواب، وإن كانا مستحقين للثواب لم يكونا أفضل الصحابة. قال لهم أصحابنا: إن الحسن والحسين (ع). كانا بالغين مكلفين، لان البلوغ وكمال العقل لا يفتقر إلى شرط مخصوص، ولذلك تكلم عيسى في المهد بما دل على كونه مكلفا عاقلا، وقد حكيت ذلك عن امام من أئمة المعتزلة مثل ذلك وقالوا أيضا أعني أصحابنا: إنهما كانا أفضل الصحابة بعد أبيهما وجدهما، لان كثرة الثواب ليس بموقوف على كثرة الافعال، فصغر سنهما لا يمنع من أن يكون