والكهل: من كان فوق حال الغلومة، ودون الشيخوخة. ومنه اكتهل النبت: إذا طال، وقوي. ومنه الكاهل فوق الظهر إلى ما يلي العنق والمرأة كهلة. قال الراجز:
ولا أعود بعدها كريا * أمارس الكهلة والصبيا (1) وقيل الكهولة بلوغ أربع وثلاثين سنة. وقال مجاهد: الكهل: الحليم وأصل الباب العلو، فالكهل لعلو سنه، أو لعلو منزلته.
المعنى:
ووجه كلامه في المهد تبرئة لامه مما قذفت به، وجلالة له بالمعجزة التي ظهرت فيه. فان قيل: فما معنى " وكهلا " وليس بمنكر الكلام من الكهل؟ قيل فيه ثلاثة أوجه:
أحدها - يكلمهم كهلا بالوحي الذي يأتيه من قبل الله. الثاني - انه يبلغ حال الكهل في السن، وفي ذلك أيضا إعجاز لكون المخبر على ما أخبر به. الثالث - أن المراد به الرد على النصارى بما كان منه من التقلب في الأحوال، لأنه مناف لصفة الاله. فان قيل كيف جحدت النصارى كلام المسيح في المهد وهو معجزة عظيمة؟
قلنا: لان في ذلك ابطال مذهبهم، لأنه قال: " إني عبد الله " (2) فاستمروا على تكذيب من أخبر أنه شاهده كذلك. وفي ظهور المعجزة في تلك الحال قيل فيه قولان:
أحدهما - إنها كانت مقرونة بنبوة المسيح، لأنه كمل عقله في تلك الحال حتى عرف الله بالاستدلال، ثم أوحى إليه بما تكلم به، هذا قول أبي على الجبائي.
وقال ابن الاخشاذ: إن كل ذلك كان على جهة التأسيس لنبوته، والتمكين لها بما يكون دالا عليها، وبشارة متقدمة لها. ويجوز - عندنا - الوجهان. ويجوز