يعني اليهود والنصارى، " والأميين " الذين لا كتاب لهم على قول ابن عباس وغيره. من أهل التأويل، وهم مشركوا العرب، كما قال: " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم " (1) وقال: " النبي الأمي " (2) أي الذي لا يكتب.
وإنما قيل لمن لا يكتب أمي، لأنه نسب إلى ما عليه الأمة في الخلقة لأنهم خلقوا لا يكتبون شيئا. وإنما يستفيدون الكتابة.
وقوله: (ومن اتبعن) من حذف الياء اجتزاء بالكسرة وإنما حذفها حمزة، والكسائي وعاصم، وحذف الياء في أواخر الآي أحسن لأنها تشبه القوافي. ويجوز في وسط الآي أيضا وأحسنها ما كان قبلها نون مثل قوله: " ومن اتبعن "، فإن لم يكن نون، فإنه يجوز أيضا نحو قولك هذا غلام، وما أشبه ذلك. والأجود أن تقول هذا غلامي وإن شئت أسكنت الياء. وإن شئت فتحتها وقوله: (أأسلمتم) أمر في صورة الاستفهام، وإنما كان كذلك، لأنه بمنزلة طلب الفعل، والاستدعاء إليه فذكر ذلك للدلالة على أمرين من غير تصريح به ليقر المأمور به بما يلزمه فيه، كما تقول لمن توصيه بما هو أعود عليه: أقبلت هذا.
ومعناه اقبل، ومثله قوله تعالى: " فهل أنتم منتهون " (3) معناه انتهوا، وأقروا به. وتقول لغيرك: هل أنت كاف عنا. ومعناه اكفف. ويقول القائل لغيره:
أين أنت، ومعناه أثبت مكانك لا تبرح.
وقوله: (فان اسلموا فقد اهتدوا) معناه اهتدوا إلى طريق الحق " وان تولوا " معناه كفروا، ولم يقبلوا واعرضوا عنه " فإنما عليك البلاغ " ومعناه عليك البلاغ، فقط دون ألا يتولوا، لأنه ليس عليك ألا يتولوا. وقوله:
" والله بصير بالعباد " معناه ههنا لا يفوته شئ من أعمالهم التي يجازيهم بها، لأنه بصير بهم أي عالم بهم وبسرائرهم وظواهر أعمالهم، لا يخفى عليه خافية. وقيل معناه يعلم ما يكون منك في التبليغ، ومنهم في الايمان، والكفر.