إذا ارتكب صاحبها الكبيرة من الجرم كما لا يجب إن أوتد عن الايمان إلى الكفر وإنما يجب لمن أخلصها مما يفسق بها وهذا عندنا ليس بصحيح، لان القول بالاحباط باطل ومفارقة الكبيرة بعد فعل الطاعة لا تحبط ثواب الطاعة بحال. وإنما يستحق بمعصيته العقاب ولله فيه المشيئة، فأما الارتداد فعندنا أن المؤمن على الحقيقة لا يجوز أن يقع منه كفر، ومتى وقع ممن كان على ظاهر الايمان ارتداد علمنا أن ما كان يظهره لم يكن إيمانا على الحقيقة، وإنما قلنا ذلك لأنه لو كان إيمانا لكان مستحقا به الثواب الدائم فإذا ارتد فيما بعد استحق بارتداده عقابا دائما فيجتمع له استحقاق الثواب الدائم والعقاب الدائم وذلك خلاف الاجماع وقوله: " الذين رفع بالابتداء " وما بعده صلة له وخبره " فلهم أجرهم عند ربهم " وإنما دخل الفاء في خبر الذين لان فيها معنى الجزاء، لأنه يدل على أن الاجر من أجل الانفاق في طاعة الله. ولا يجوز أن يقال زيد فله درهم لأنه ليس فيه معنى الجزاء وإنما رفع (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ونصب " لا ريب فيه " لأجل تكرير (لا) في جواب إذا قال الشاعر:
وما صرمتك حتى قلت معلنة * لا ناقة لي في هذا ولا جمل فأما " لا ريب فيه "، فجواب (هل) من ريب فيه، فقيل لا ريب فيه على عموم النفي كما أن السؤال على استغراق الجنس بمن فالاعتماد في أحدهما على عموم النفي وفي الاخر على اشتمال النفي على شيئين قد توهم: إثبات أحدهما. والانفاق إخراج ما كان من المال عن الملك ولهذا لا يصح في صفة الله (تعالى) الانفاق:
وهو موصوف بالاعطاء لعباده ما شاء من نعمه لان الاعطاء إيصال الشئ إلى الاخذ له والسر: إخفاء الشئ في النفس فأما اخفاؤه في خباء، فليس بسر في الحقيقة، ومنه السرار والمسارة لان كل واحد منهما يخفي الشئ عن غيره إلا عن صاحبه، والعلانية، نقيض السر وهو إظهار الشئ وإبرازه من النفس.