ودنياه، وكان داود مساويا لهم في ذلك إن لم يكن أكثرهم علما فيه، لأنه كان مؤمنا مثلهم، وكان معهم في أمورهم، فلما بين لنا أنه " آتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء " بعد قتل جالوت، علمنا أنه كان خصه بما ذكره من الملك والحكمة، وخصه منه بما لم يخص به أحدا سواه.
وقوله: " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض " قيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها - يدفع الله بالبر عن الفاجر الهلاك، هذا قول علي (ع) وهو المروي عن أبي جعفر محمد بن علي (ع)، وبه قال مجاهد. الثاني - يدفع باللطف للمؤمن والرعب في قلب الفاجر. أن يعم الأرض الفساد. الثالث - قال الحسن، والبلخي:
يزغ الله بالسلطان فلا يزغ بالقرآن، لأنه يغنيه على دفع الأشرار عن ظلم الناس، لأنه يريد منه المنع من الظلم والفساد، كان مؤمنا أو فاسقا.
اللغة:
وأصل الدفع: الصرف عن الشئ، دفع دفعا، ودافع مدافعة ودفاعا، واندفع اندفاعا، وتدافع تدافعا، وتدفع تدفعا، ودفعه تدفيعا، واستدفع استدفاعا.
والضيف المدفع، لتدافع الحي به لاحتقاره. والدفاع السيل لتدافع بعضه على بعض.
والدفعة اندفاع الشئ جملة. ورجل مدفع أي عن نسبه.
الحجة:
وقال الحسن: لم يكن داود نبيا قبل قتله جالوت، لأنه لا يجوز أن يترأس من ليس بنبي على نبي لأنه قلب ما يوجبه تدبير الحكماء، لان النبي يوثق بظاهره وباطنه ولا يخبر إلا بالحق ولا يدعوا إلا إلى حق، وليس كذلك من ليس بنبي من أهل العقل.
ومن قرأ " دفاع " بألف فوجهه: أن الله لما أعان أولياءه على مدافعة أعدائه حتى هزموهم، حسن إضافة الدفاع إليه، لما كان من معونته، وإرادته له.