دخل على علي يسأله، فقال: يا أمير المؤمنين، إن فقدناك - ولا نفقدك - فنبايع الحسن؟ قال: ما آمركم، ولا أنهاكم، أنتم أبصر... وقد كان علي رضي الله عنه قال: يا بني عبد المطلب، لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين، تقولون:
قتل أمير المؤمنين، قتل أمير المؤمنين، ألا لا يقتل بي إلا قاتلي،... وقال علي للحسن والحسين: أي بني! أوصيكما بتقوى الله، وإقام الصلاة لوقتها، وإيتاء الزكاة عند محلها، وحسن الوضوء فإنه لا يقبل صلاة إلا بطهور، وأوصيكم بغفر الذنب، وكظم الغيظ، وصلة الرحم، والحلم عن الجهل، والتفقه في الدين، والتثبت في الأمر، وتعاهد القرآن، وحسن الجوار، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واجتناب الفواحش، قال: ثم نظر إلى محمد بن الحنفية، فقال: هل حفظت ما أوصيت به أخويك؟ قال: نعم، قال: فإني أوصيك بمثله، وأوصيك بتوقير أخويك لعظم حقهما عليك، وتزيين أمرهما، ولا تقطع أمرا دونهما، ثم قال لهما: أوصيكما به، فإنه شقيقكما، وابن أبيكما، وقد علمتما أن أباكما كان يحبه، ثم أوصى، فكانت وصيته: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به علي بن أي طالب رضي الله عنه، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره، على الدين كله، ولو كره المشركون، ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي، ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين، ثم أوصيكما يا حسن، ويا حسين، وجميع أهلي ولدي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ربكم (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)، (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، فإني سمعت أبا القاسم صلى الله عليه يقول: إن صلاح ذات البين أعظم من عامة الصلاة والصيام، وانظروا إلى ذوي أرحامكم، فصلوهم، يهون الله عليكم الحساب، والله الله في الأيتام، ولا يضيعن بحضرتكم، والله الله في الصلاة، فإنها عمود دينكم، والله الله في الزكاة، فإنها تطفئ غضب الرب عز وجل، والله الله في الفقراء والمساكين، فأشركوهم في معايشكم، والله الله في القرآن، فلا يسبقنكم بالعمل به غيركم، والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، والله الله في بيت ربكم عز وجل، لا يخلون ما بقيتم، فإنه إن ترك لم تناظروا، والله الله في أهل ذمة نبيكم