(37) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة قال: قدم بأسارى بدر وسودة بنت زمعة زوج النبي عليه الصلاة والسلام عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوذ ابني عفراء، وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب، قالت: قدم بالأسارى فأتيت منزلي، فإذا أنا بسهيل بن عمرو في ناحية الحجرة، مجموعة يداه إلى عنقه، فلما رأيته ما ملكت نفسي أن قلت: أبا يزيد! أعطيتم بأيديكم، إلا متم كراما؟ قالت: فوالله ما نبهني إلا قول رسول الله (ص) من داخل البيت: (أي سودة: أعلى الله وعلى رسوله؟) قلت: يا رسول الله!
والله إن ملكت نفسي حيث رأيت أبا يزيد أن قلت ما قلت.
(38) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله (ص): (ما تقولون في هؤلاء الأسارى)؟ قال أبو بكر: يا رسول الله! قومك وأصلك، استبقهم واستتبهم، لعل الله أن يتوب عليهم، وقال عمر: يا رسول الله: كذبوك وأخرجوك قدمهم نضرب أعناقهم، وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله أنت في واد كثير الحطب فأضرم الوادي عليهم نارا ثم ألقهم فيه فقال العباس: قطع الله رحمك، قال، فسكت رسول الله (ص) فلم يرد عليهم، ثم قام فدخل، فقال أناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال أناس: يأخذ بقول عمر، وقال أناس:
يأخذ بقول عبد الله بن رواحة، ثم خرج رسول الله (ص) فقال: (إن الله ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال: * (فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) * وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال: * (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) * وإن مثلك يا عمر مثل موسى قال: * (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) * وإن مثلك يا عمر مثل نوح قال: * (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) * أنتم عالة فلا ينفلتن أحد منهم إلا بفداء أو ضربة عنق) فقال ابن مسعود: يا