قدم علينا من أصحاب رسول الله (ص) مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئان الناس القرآن ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين راكبا ثم جاء رسول الله (ص)، قال: فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشئ قط فرحهم به، قال: فما قدم حتى قرأت * (سبح اسم ربك الأعلى) * في سور من المفصل.
(5) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم أن قريشا جعلت في رسول الله (ص) وأبي بكر أربعين أوقية، قال فبينما أنا جالس إذ جاءني رجل فقال: إن الرجلين الذين جعلت قريش فيهما ما جعلت قريب منك بمكان كذا وكذا، فأتيت فرسي وهو في المرعى فنفرت به ثم أخذت رمحي، قال فركبته، قال: فجعلت أجر الرمح مخافة أن يشركني فيهما أهل الماء قال: فلما رأيتهما قال أبو بكر: هذا باغ يبغينا، فالتفت إلى النبي (ص) فقال: (اللهم اكفناه بما شئت) قال: قال فوجل فرسي وإني لفي جلد من الأرض، فوقعت على حجر فانقلب، فقلت: ادع الذي فعل بفرسي ما أرى أن يخلصه، وعاهده أن لا يعصيه، قال:
فدعا له، فخلص الفرس، فقال رسول الله (ص): (أواهبه أنت لي! فقلت: نعم، فقال:
فها هنا، قال: فعمي عنا الناس، وأخذ رسول الله (ص) طريق الساحل مما يلي البحر، قال:
فكنت أول النهار لهم طالبا وآخر النهار لهم مسلحة، وقال لي: إذا استقررنا بالمدينة فإن رأيت أن تأتينا فأتنا، قال: فلما قدم المدينة وظهر على أهل بدر وأحد وأسلم الناس ومن حولهم، قال سراقة: بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى بني مدلج، قال: فأتيته فقلت له: أنشدك النعمة، فقال القوم: مه، فقال رسول الله (ص): (دعوه، فقال رسول الله (ص) ما تريد؟ فقلت: بلغني أنك تريد أن تبعث خالد بن الوليد إلى قومي، فأنا أحب أن توادعهم، فإن أسلم قومهم أسلموا معهم وإن لم يسلموا لم تخشن صدور قومهم عليهم، فأخذ رسول الله (ص) بيد خالد بن الوليد فقال له: إذهب معه فاصنع ما أراد، فذهب إلى بني مدلج، فأخذوا عليهم أن لا يعينوا على رسول الله (ص)، فإن أسلمت قريش أسلموا معهم، فأنزل الله * (ودوا لو تكفرون) * حتى بلغ * (إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاؤوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم) * قال الحسن: فالذين حصرت صدورهم بنو مدلج، فمن وصل إلى بني مدلج من غيرهم كان في مثل عهدهم.