ويقول هذا: أنا أولى به، إذ قيض الله بعض جنوده فقال لهما: قيسوا ما بين القريتين، فأيتهما كان أقرب إليها فهو من أهلها، فقاسوا من بينهما، فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة، فكان منهم.
(22) حدثنا يزيد بن هارون عن همام بن يحيى قال حدثنا قتادة عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: لا أخبركم إلا ما سمعت من في رسول الله (ص) سمعته أذناي ووعاه قلبي أن عبدا قتل تسعة وتسعين نفسا ثم عرضت له التوبة، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل فأتاه فقال: إني قتلت تسعة وتسعين نفسا فهل لي من توبة؟
قال: بعد قتل تسعة وتسعين نفسا؟ قال: فانتضى سيفه فقتله، فأكمل به مائة، ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل فأتاه فقال: إني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة؟ قال: ومن يحول بينك وبين التوبة، اخرج من القرية الخبيثة التي أنت فيها القرية الصالحة قرية كذا وكذا، فاعبد ربك فيها، قال فخرج يريد القرية الصالحة فعرض له أجله في الطريق، قال: فاختصم فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقال إبليس: أنا أولى به لم يعصني ساعة قط، فقالت ملائكة الرحمة: إنه خرج تائبا، قال همام: فحدثني حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع قال: فبعث الله إليه ملكا فاختصموا إليه، ثم رجع إلى حديث قتادة فقال: انظروا أي القريتين كانت أقرب إليه فألحقوه بها، قال: فحدثني الحسن قال: لما عرف الموت [احتقر بنفسه] فقرب الله منه القرية الصالحة وباعد منه القرية الخبيثة، فألحقه بأهل القرية الصالحة.
(23) حدثنا يزيد بن هارون عن همام بن يحيى قال حدثنا قتادة عن صفوان بن محرز قال: كنت آخذا بيد عبد الله بن عمر فأتاه رجل فقال: كيف سمعت رسول الله (ص) يقول في النجوى؟ فقال: سمعت رسول الله (ص) يقول: (إن الله يدني المؤمن يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه، يستره من الناس، فيقول: أي عبدي تعرف ذنب كذا وكذا؟ فيقول: أي نعم رب، حتى إذا قرره بذنوبه ورأي في نفسه أنه قد هلك قال:
فإني قد سترتها عليك في الدنيا وقد غفرتها لك اليوم، ثم يؤتى بكتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فيقول الاشهاد: * (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين) *).