والمعنى أنها سكتت بعد الكلمة الرابعة (أن) مخففة من الثقيلة أي أنها (سترجع) أي عن مقالها في تكذيب الزوج ودعوى البراءة عما رماها به (سائر اليوم) أي في جميع الأيام وأيد الدهر أو فيما بقي من الأيام بالأعراض عن اللعان والرجوع إلى تصديق الزوج وأريد اليوم الجنس ولذلك أجراه مجرى العام والسائر كما يطلق للباقي يطلق للجميع أبصروها بفتح الهمزة وسكون الموحدة وكسر المهملة من الأبصار أي انظروا وتأملوا فيما تأتي به من ولدها (به) أي بالولد (أكحل العينين) أي الذي يعلو جفون عينه سواد مثل الكحل من غير اكتحال (وسابغ الأليتين) تثنية الألية بفتح الهمزة وسكون اللام وهي العجيزة أو ما ركب العجز من شحم أو لحم أي تامهما وعظيمها من سبوغ النعمة والثوب (خدلج الساقين) بمعجمة ومهملة ولام مشددة مفتوحات وبالجيم أي عظيمها (فهو) أي الولد (فجاءت به كذلك) قال الطيبي في إتيان الولد على الوصف الذي ذكره صلوات الله عليه هنا وفي قصة عويمر بأحد الوصفين المذكورين مع جواز أن يكون على خلاف ذلك معجزة وإخبار بالغيب ولولا ما مضى من كتاب الله من بيان لما أي لولا ما سبق من حكمه بدرء الحد عن المرأة بلعانها (لكان لنا ولها شأن) أي في إقامة الحد عليها إثر المعنى لولا أن القرآن حكم بعدم الحد على المتلاعنين وعدم التغرير لفعلت بها ما يكون عبرة للناظرين وتذكرة للسامعين تنبيه اعلم أن حديث ابن عباس هذا يدل على أن آية اللعان نزلت في قصة هلال بن أمية وحديث سهل بن سعد الذي أشار إليه الترمذي يدل على أنها نزلت في قصة عويمر العجلاني ولفظه فجاء عويمر فقال يا رسول الله رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع فقال رسول الله قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فأمرهما رسول الله بالملاعنة قال الحافظ قد اختلف الأئمة في هذا الموضع فمنهم من رجح أنها نزلت في شأن عويمر ومنهم من رجح أنها نزلت في شأن هلال ومنهم من جمع بينهما بأن أول من وقع له ذلك هلال وصادف مجئ عويمر أيضا فنزلت في شأنهما معا في وقت واحد وقد جنح النووي إلى هذا وسبقه الخطيب فقال لعلهما اتفق كونهما جاءا في وقت واحد ولا مانع أن تتعدى القصص ويتحد النزول ويحتمل أن النزول سبق بسبب هلال فلما جاء عويمر ولم يكن علم بما وقع لهلال أعلمه النبي بالحكم ولهذا قال في قصة هلال فنزل جبريل وفي قصة عويمر قد أنزل الله فيك فيأول قوله قد أنزل الله فيك أي وفيمن كان مثلك وبهذا أجاب ابن صباغ في الشامل وجنح القرطي إلى تجويز نزول الآية مرتين قال وهذه
(٢١)