يرى أهلي اثر ذلك علي فامتنع من الطعام حتى يستبين ذلك في وجهي قال رحم الله دمعتك اما انك من الذين يعدون من اهل الجزع لنا والذين يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويخافون لخوفنا ويأمنون إذا امنا اما انك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيتهم ملك الموت بك وما يلقونك به من البشارة أفضل ولملك الموت ارق عليك وأشد رحمة لك من الأم الشفيقة على ولدها قال ثم استعبر واستعبرت معه فقال الحمد لله الذي فضلنا على خلقه بالرحمة وخصنا أهل البيت بالرحمة.
يا مسمع ان الأرض والسماء لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين عليه السلام رحمة لنا وما بكى لنا من الملائكة أكثر وما رقأت دموع الملائكة منذ قلتنا وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا الا رحمه الله قبل أن تخرج الدمعة من عينه فإذا سالت دموعه على خده فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم لأطفأت حرها حتى لا يوجد لها حر وان الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض وان الكوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه حتى أنه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي ان يصدر عنه يا مسمع من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها ابدا ولم يستق بعدها ابدا وهو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل أحلى من العسل وألين من الزبد وأصفى من الدمع وأذكى من العنبر يخرج من تسنيم ويمر بأنهار الجنان يجري على رضراض الدر والياقوت فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء يوجد ريحه من مسيرة الف عام قد حانه من الذهب والفضة وألوان الجوهر يفوح في وجه الشارب منه كل فايحة حتى يقول الشارب منه يا ليتني تركت ها هنا لا أبغي بهذا بدلا ولا عنه تحويلا.
اما انك يا بن كردين ممن تروى منه وما من عين بكت لنا الا نعمت بالنظر إلى الكوثر وسقيت منه من أحبنا وان الشارب منه ليعطى من اللذة والطعم والشهوة له أكثر مما يعطاه من هو دونه في حبنا وان على الكوثر أمير المؤمنين عليه السلام وفي يده عصى من عوسج يحطم بها أعدائنا فيقول الرجل منهم اني اشهد الشهادتين فيقول انطلق إلى امامك فلان فاسئله ان يشفع لك فيقول تبرء مني امامي