الامر ما لا يعرفه أنكر وكذب به وقال بجهالته ما أعرف هذا وما أراه كان وما أظن أن يكون وأنى كان ولا أعرف ذلك لثقته برأيه وقلة معرفته بجهالته فما ينفعك مما يرى فيما التبس عليه برأيه ومما لا يعرف للجهل مستفيدا وللحق منكرا وفي اللجاجة متحريا وعن طلب العلم مستكبرا، يا بني فتفهم وصيتي واجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك فأحب لغيرك ما تحب لنفسك وأكره له ما تكره لها لا تظلم كما لا تحب أن تظلم وأحسن كما تحب أن يحسن إليك واستقبح لنفسك ما تستقبح من غيرك وارض من الناس بما ترضى لهم منك ولا تقل ما لا تعلم بل لا تقل كل ما علمت مما لا تحب أن يقال لك.
واعلم: أن الاعجاب ضد الصواب وآفة الألباب وإذا هديت لقصدك فكن أخشع ما تكون لربك واسع في كدحك ولا تكن خازنا لغيرك.
واعلم: يا بني أن أمامك طريقا ذا مسافة بعيدة وأهوال شديدة وأنه لا غنا بك عن حسن الارتباط وقدر بلاغك من الزاد مع خفة الظهر فلا تحملن على ظهرك فوق بلاغك فيكون ثقيلا ووبالا عليك وإذا وجدت من أهل الحاجة من يحمل لك زادك إلى يوم القيامة فيوافيك به غدا حيث تحتاج إليه فاغتنمه واغتنم من استقرضك في حال غناك واجعل يوم قضائك له في يوم عسرتك وحمله إياه وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه فلعلك تطلبه ولا تجده.
واعلم: أن أمامك عقبة كؤدا لا محالة أن مهبطها بك على جنة أو نار فارتد لنفسك قبل نزولك.
واعلم: أن الله بيده خزائن ملكوت الدنيا والآخرة قد أذن لدعائك