الأهوال وأمر بالمعروف تكن من أهله وأنكر المنكر بلسانك ويدك وباين من فعله بجهدك وجاهد في الله حق جهاده ولا تأخذك في الله لومة لائم وخض الغمرات إلى الحق حيث كان وتفقه في الدين وعود نفسك بالصبر على المكروه ونعم الخلق الصبر وألجئ نفسك في الأمور كلها إلى إلهك فإنك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز وأخلص في المسألة لربك فإن بيده العطاء والحرمان وأكثر الاستخارة وتفهم وصيتي ولا تذهبن عنك صفحا فإن خير القول ما نفع، واعلم أنه لا خير في علم لا ينفع ولا ينتفع بعلم لا يحق تعلمه، يا بني إنني لما رأيتك قد بلغت سنا ورأيتني أزداد وهنا بادرت بوصيتي إليك لخصال منها قبل أن يعجل بي أجلي دون أن أفضي إليك بما في نفسي وأن أنقص في رأيي كما نقصت في جسمي أو أن يسبقني إليك بعض غلبات الهوى وفتن الدنيا فتكون كالصعب النفور وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شئ إلا قبلته فبادر بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك لتستقبل بجد رأيك من الامر ما قد كفاك أهل التجارب بعينه وتجربته فتكون قد كفيت مؤنة الطلب وعوفيت من علاج التجربة فأتاك من ذلك ما كنا قد نأتيه واستبان لك منه ما ربما أظلم علينا فيه، يا بني إني وإن لم أكن قد عمرت عمر من كان قبلي فقد نظرت في أعمارهم وفكرت في أخبارهم وسرت في آثارهم حتى عدت كأحدهم بل كأنني بما انتهى إلي من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم فعرفت صفو ذلك من كدره ونفعه من ضرره فاستخلصت لك من كل أمر جليله وتوخيت لك جميله وصرفت عنك مجهوله ورأيت حيث
(١٦١)