أني أحمد الله إله الأولين والآخرين ورب من في السماوات والأرضين بما هو أهله وكما يجب وينبغي له ونسأله أن يصلي على محمد وآل محمد صلى الله عليهم وعلى أنبياء الله بصلاة جميع من صلى عليه من خلقه وأن يتم نعمته علينا بما وفقنا له من مسألته بالاستجابة لنا فإن بنعمته تتم الصالحات، يا بني إني قد أنبأتك عن الدنيا وحالها وانتقالها وزوالها بأهلها وأنبأتك عن الآخرة وما أعد الله فيها لأهلها وضربت لك أمثالا لتعتبر بها وتحذو عليها الأمثال إنما مثل من أبصر الدنيا مثل قوم سفر نبا بهم منزل جديب فأموا منزلا خصيبا فاحتملوا وعثاء الطريق وفراق الصديق وخشونة السفر في الطعام والمنام ليأتوا سعة دارهم ومنزل قرارهم فليس يجدون لشئ من ذلك ألما ولا يرون لنفقة مغرما ولا شئ بأحب إليهم مما يقربهم من منزلهم ومثل من اغتر بها كقوم كانوا في منزل خصيب فنبا بهم إلى منزل جديب فليس شئ أكره إليهم ولا أهول لديهم من مفارقة ما هم فيه إلى ما يهجمون عليه ويصيرون إليه ثم فزعتك بأنواع الجهالات لئلا تعد نفسك عالما لأن العالم من عر ف أن ما يعلم فيما لا يعلم قليل فعد نفسه بذلك جاهلا وازداد بما عرف من ذلك في طلب العلم اجتهادا فما يزال للعلم طالبا وراغبا وله مستفيدا ولأهله خاشعا ولرأيه متهما وللصمت لازما وللخطأ حايدا ومنه مستحييا وإن أورد عليه ما لا يعر ف لا ينكر ذلك بما قد قدر به نفسه من الجهالة وأن الجاهل من عد نفسه لما جهل من معرفة العلم عالما وبرأيه مكتفيا فما يزال للعلماء معاندا وعليهم ذاريا ولمن خالفه محبطا ولما لا يعرف من الأمور مضللا وإذا أورد عليه من
(١٦٣)