الجهة الثانية في مفاد هذه القاعدة وبيان المراد منها فنقول: إن توضيح هذا المطلب يتوقف على بيان أمور:
الأول: أن التخيير المدعى في المقام بين الأقل والأكثر من جهة الاجماع والقدر المتيقن منه هو أن لا يكون البناء على الأكثر موجبا لفساد الصلاة وذلك لأنه بمناسبة الحكم والموضوع يفهم أن هذا الحكم - أي التخيير - توسعة في مقام امتثال النوافل ومن باب المسامحة فيها وان الاهتمام في حفظ النوافل وحدودها ليس مثل الاهتمام بالفرائض وحدودها وكذلك الاهتمام بفرض الله أزيد من الاهتمام بفرض النبي ويتسامح فيه بما لا يتسامح في فرض الله.
وبعبارة أخرى: التخيير للتسهيل فهو ينافي ما إذا كان موجبا لبطلان العمل ولزوم الإعادة فظهر أن التخيير فيما إذا كان الشك بين الواحد والاثنين فيما إذا كانت النافلة ثنائية كما هو كذلك في أكثر النوافل أو كان بين الاثنين والثلاث كما في نافلة الوتر بناء على أن الشفع والوتر صلاة واحدة أو بين الثلاث والأربع كصلاة الاعرابي بناء على أنها أربع ركعات متصلة.
والحاصل: أن لا يكون طرف الأكثر من شكه أزيد من الصلاة المشكوك فيها ففي مثل هذه الموارد مخير بين البناء على الأقل والأكثر لان البناء على كل واحد منهما لا ينافي مع صحة الصلاة فالقول بالتخيير مطلقا لا وجه له.
وأما إذا كان الشك بين الاثنين والثلاث فما زاد في الثنائية أو الثلاث والأربع فما زاد في الثلاثية أو الأربع والخمس فما زاد في الرباعية كل ذلك بعد إكمال السجدتين وفي حال الجلوس فليس له البناء على الأكثر بل يتعين عليه البناء على الأقل كي تكون صلاته صحيحة.
وهذا معنى قوله عليه السلام: " لا شئ عليه " لأنه بناء على هذا لا إعادة عليه ولا عليه