التلف غير معقول بل المعنى المعقول منه هو أن ذلك المأخوذ على عهدته ولا يفرغ ذمته إلا بأداء ذلك الأمر الاعتباري الذي على عهدته بالترتيب الذي ذكرنا.
ولكن أنت خبير بأنه لا فرق من هذه الجهة بين أن يكون الظرف لغوا أو مستقرا ومتعلقه من أفعال العموم أو الخصوص إذ بناء على الأخير أيضا لا مانع من أن يكون المراد أنه يجب رد نفس ذلك الشئ الذي أخذ بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة.
كما أن ما احتمله بعض آخر - من أن مفاد الحديث بقرينة وجود هذا الضمير عبارة عن وجوب الرد تكليفا ما دامت العين موجودة وقبل التلف إذ بعد التلف لا يمكن رده فلا ربط له بباب الضمان أصلا - لا وجه له لما ذكرنا من أن معنى الحديث وظاهره المتفاهم عرفا هو كون المأخوذ وما هو تحت اليد والسيطرة على عهدته مستقرا وثابتا إلى أن يفرغ ذمته ويؤدي ذلك الشئ بأحد الوجوه الثلاثة المترتبة الطولية المتقدمة.
وأما الرابع أي الاجماع فقد ادعاه جمع من أساتذة الفقه وأساطين هذا الفن وأرسلوه إرسال المسلمات ولكن مع ذلك كله ليس من الاجماع المصطلح الأصولي الذي بنينا على حجيته إذ الذي سلمنا حجيته كان عبارة عن اتفاق الكل أو الجل مع عدم مستند في البين فحينئذ يكون مثل ذلك الاتفاق كاشفا عن تلقيهم الحكم عن الامام المعصوم. وفيما نحن فيه على فرض تسليم الاتفاق حيث أن بعضهم تمسكوا بقاعدة الاقدام وبعض آخر بقاعدة الاحترام وجمع آخر بحديث على اليد فيسقط اتفاقهم عن الاعتبار ولابد من المراجعة إلى نفس المدارك.
وقد حكى الشيخ الأعظم عن شيخ الطائفة وفقيه عصره في شرح القواعد وابن إدريس في السرائر - قدس أسرارهم - الاجماع على هذا الحكم 1. ولكن عرفت ما في التمسك بالاجماع في هذا المقام.