على فعل العمل وتركه تكوينا وتشريعا.
إن قلت: عرفنا لزوم القدرة على الفعل ولكن لماذا يلزم القدرة على الترك؟
قلنا: لان معنى مقدورية فعل من الافعال هو أن يكون الفعل والترك بإرادته و تحت اختياره، وإلا لو كان الفعل ضروريا، كحركة الارتعاش في اليد مثلا لا يقال إن هذا الفعل مقدور له.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول: إن الواجب بأقسامها فيما عدا الواجب التخييري الشرعي التوصلي - على احتمال سيأتي - لو كان الواجب هو العمل بالمعنى الاسم المصدري - أي يكون المطلوب منه العمل الصادر لا جهة إصدار العمل لان في العمل جهتين: إحداهما نفس الصادر والثانية جهة إصداره أي فاعلية العامل لهذا العمل. وربما يكون هذا هو المراد من قولهم: جهة انتساب الفعل إلى فاعل مأخوذ في معنى المصدر، بخلاف اسم المصدر - فلا يمكن أخذ الأجرة عليه، لان الفعل والعمل بواسطة الايجاب خرج عن تحت قدرته واختياره تشريعا لان الشارع في عالم تشريعه يرى العمل ضروري الوجود وانه ليس للمكلف تركه، فكما أن في الحركة الارتعاشية في عالم التكوين ليس له تركه وخارج عن تحت قدرته تكوينا كذلك في جميع الواجبات في باب الأعمال إذا كانت واجبة بالمعنى الاسم المصدري تخرج عن تحت قدرة المكلف تشريعا فليس بقادر على العمل تشريعا.
وقد ذكرنا في المقدمة إناطة صحة الإجارة على أن يكون العمل مقدورا تكوينا و تشريعا، ولذا قلنا بعدم صحة الإجارة على الفعل المحرم.
فالحاصل أن العمدة في عدم صحة أخذ الأجرة على الواجبات بحيث يكون وافيا بجميع أقسام الواجب - من التعبدي والتوصلي والعيني والكفائي والتعييني والتخييري والنفسي والغيري - هو هذا الوجه، وإلا سائر الوجوه التي ذكروها إما غير تام في حد نفسه أو أخص من المدعى.