وأما الصورة الخامسة فعمدة الوجه في القول بعدم الضمان فيها هو العلم بعدم التعدي. ولكن هذا العلم ليس له أثر لأنه على الفرض أوجد سبب التلف الذي هو سبب الضمان ولكن باعتقاد أنه لا يتلف وقد تبين خطأ اعتقاده وانه جهل مركب فما ذكرنا من الضابط في استناد التلف إلى فعله تحقق فيكون ضامنا.
واما الصورة السادسة وهي أن لا يتجاوز قدر الحاجة مع علمه بعدم التعدي فإذا كان وقوع التلف اتفاقيا وليس فعله سببا غالبيا لوقوع التلف فلا يضمن لما بينا من اشتراط الضمان بكون فعل ذي السبب سببا غالبيا وإذ ليس فليس. وأما لو كان سببا غالبيا وهو علم بعدم التعدي لغفلته أو بلاهته فيضمن لما ذكرنا في القسم الثاني من الصورة الثالثة.
ومنها: ما في التذكرة من أنه: لو فتح القفص أو حل قيد الفرس أو العبد المجنون فبقيا واقفين فجاء إنسان ونفرهما فذهبا فالضمان على منفرهما لان سببه أخص فاختص الضمان به كالدافع والحافر. 1 ولعل مراده بقوله: " لان سببه أخص " أن فعل المنفر لا ينفك عن فرارهما بخلاف فتح القفص بالنسبة إلى الطائر وحل القيد بالنسبة إلى الفرس والعبد المجنون فإنه يمكن أن لا يتعقب بفرار الطائر في فتح القفص وأن لا يتعقب بفرار الفرس والعبد المجنون بالنسبة إلى حل قيدهما فكأنه أراد بذلك أن النفر جزء الأخير من العلة التامة لفرارهما.
وأما فتح القفص بالنسبة إلى الطائر الواقف بعد الفتح وكذلك حل القيد بالنسبة إلى الفرس والعبد المجنون الواقفين بعد حل القيد من قبيل المعد.
ولا شك في أن استناد المسبب إلى العلة التامة أو الجزء الأخير منها أولي من استناده إلى المعد كما أن في مسألة الحافر والدافع يكون الامر كذلك أيضا فالاستناد