من النهي عن تعويد الشيطان فلابد وأن يكون المراد أنه إذا كثر عليك السهو في شئ من صلاتك فامض في صلاتك ولا تعتن بشكك في ذلك الشئ فالظاهر من هذه العبارة حسب المتفاهم العرفي أن متعلق الشك الذي حكم الشارع بالفائه وعدم الاعتناء به مع متعلق الشك الذي في " كثر عليك الوهم " شئ واحد فيكون ظاهر صحيح ابن سنان كظاهر سائر الروايات إذا كثر شكك في شئ من صلاتك سواء كان هو من الافعال أو كان عدد الركعات فلا تعتني بذلك الشئ.
ويؤيد هذا الاستظهار تعليل هذا الحكم بعدم تعويد الشيطان على العود إلى الوسوسة وارغام أنفه بعصيانه وعدم اطاعته.
فظهر مما ذكرنا أنه لا يسري الحكم مما هو كثير الشك فيه إلى غيره سواء كان ذلك الغير هو أحد الافعال من الاجزاء والشرائط أو عدد الركعات.
السادس: في أنه ما المراد من كثير الشك وكثير السهو؟
أقول: لا شك في أن الألفاظ المستعملة في كلام الشارع تحمل على المعاني العرفية إلا أن يرد تصرف من قبل الشارع من نقل أو تحديد اما النقل فكالصلاة والصوم والحج وأمثالها وأما التحديد فكالإقامة والسفر فان الشارع أو المتشرعة نقلوا ألفاظ القسم الأول من المعاني العرفية إلى ماهيات مخترعة شرعية تعيينا أو تعينا وفي القسم الثاني حدد السفر بثمانية فراسخ والإقامة بعشرة أيام.
وأما لو لم يكن نقل ولا تحديد في البين فلابد وأن يحمل على ما هو معناه عرفا وهذا واضح جدا.
ومن جملة تلك الألفاظ والجمل التي جعلت موضوعا للحكم الشرعي في لسان الشارع كلمة " كثير الشك " أو " كثير الوهم " وقد تقدم أنهما بمعنى واحد في هذا المقام فلو لم يكن تصرف من قبل الشارع لابد من الرجوع إلى العرف في فهم المراد منه وما هو معناه.