المكلف ملزم بهذا الفعل ولا يجوز له تركه إلا في صورة اشتغال الغير، وأما في صورة عدم اشتغال الغير - كما هو المفروض في المقام - فهو مقهور في الفعل وليس له الترك، حتى أنه لو ترك يجبر من باب الأمر بالمعروف فلا يبقى لعمله احترام على مذاق شيخنا الأعظم قدس سره كما أفاد في مكاسبه 1، أو ليس بقادر على الفعل والترك في عالم التشريع وهو الملاك في عدم صحة الإجارة عندنا.
والحاصل: أن كلما كان واجبا على المكلف سواء أكان وجوبه عينيا أو كفائيا، تعيينيا أو تخييريا، نفسيا أو غيريا، تعبديا أو توصليا لا يجوز أخذ الأجرة عليه إلا في بعض أقسام التخييري أي التخيير الشرعي كما تقدم، وما قلنا من جواز أخذ الأجرة في التخيير الشرعي هو فيما إذا لم يكن تعبديا وأما التعبدي فلا يجوز مطلقا.
إذا عرفت ما ذكرنا - من عدم صحة أخذ الأجرة على جميع أقسام الواجبات - فيرد الاشكال المشهور وهو أنه لا شك في جواز أخذ الأجرة على الصناعات التي تجب كفاية على جميع المسلمين لاختلال سوقهم ونظام معاشهم بدون ذلك فكيف التفصي عن هذا الاشكال مع قولكم بعدم جواز أخذ الأجرة على جميع أقسام الواجب؟
وقد تفصى عنه بوجوه:
منها: خروج هذه الواجبات عن تحت تلك القاعدة بالاجماع والسيرة.
وفيه: استبعاد أن يكون أخذ الأجرة حكما تعبديا من طرف الشارع مخالفا لقواعد باب الإجارة بل المعاملات جميعا.
منها: أن نقول في أصل المسألة بالفرق بين التعبدي والتوصلي بأنه يجوز أخذ الأجرة في التوصلي دون التعبدي كما هو مسلك جماعة، والواجبات النظامية كلها - إلا ما شذ وندر - توصلي فلا مانع من أخذ الأجرة عليها أصلا، ونلتزم فيما إذا كانت