دخله الشك " للعهد أي الشك المسؤول عنه إن عرض له بعد الدخول في الثالثة أي الركعة التي قطعا ليس أقل من الثالثة، وإن كان من المحتمل أن تكون هي الرابعة.
وقوله عليه السلام بعد ذلك " مضى في الثالثة " أي يمضي في صلاته مع بنائه على أن تلك الركعة المشكوكة المحتملة أن تكون الثانية أو تكون الثالثة هي الثالثة فتكون الركعة التي بيده هي الرابعة فيكون المراد بقوله " ثم صلى الأخرى " هو أن يأتي بركعة منفصلة أعني صلاة الاحتياط، وبعد أن أتم ما ظن نقصه بصلاة الاحتياط يسلم و هذا كما ترى هو البناء على الأكثر في الركعة المشكوكة.
ومما يؤيد أن المراد بقوله عليه السلام " ثم صلى الأخرى " هي الركعة المنفصلة لا الموصولة هي كلمة " ثم " التي للترتيب بانفصال، وإلا لو كان المراد هي الركعة الموصولة لكان ينبغي أن يقول عليه السلام " مضى في الثالثة ويصلي الأخرى " بالواو لا بثم.
ثم إنه على تقدير أن لا يكون هذا الاحتمال أظهر من الاحتمال الأول لكن يكون موجبا لاجمال الرواية فلا يكون دليلا على البناء على الأقل كما توهم.
ولكن الانصاف أن الاحتمال الأول - أي كون الامر بالمضي في الثالثة بمعنى أنه يبنى على أن ما بيده الذي هو كان ظرف وجود الشك في أن الركعة التي خرج منه و دخل في الثالثة هل هي الثانية أو الثالثة هي الثالثة - أظهر وذلك من جهة ظهور قوله عليه السلام " ثم صلى الأخرى ولا شئ عليه ويسلم " في الركعة الموصولة.
ويؤيد هذا الظهور وقوع " يسلم " بعد هذه الجملة ولو كان المراد هي الركعة المنفصلة وصلاة الاحتياط كان ينبغي أن يقدم هذه الكلمة ويقول " يسلم ثم صلى الأخرى ".
اللهم إلا أن يقال: إن هذا التعبير منه عليه السلام إيهام إلى البناء على الأقل تقية، وفي أخبار الباب يوجد كثيرا مثل هذا الخبر مما ظاهرها يوهم البناء على الأقل وظاهر عليها أمارات التقية والتورية، وقد أشرنا إليها في بعض روايات باب الاستصحاب.