له بذلك وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا صيام لمن لم يبيته من الليل) ولم يخرج من هذه الجملة الا من جهل انه يوم فرضه فقط بالنص الوارد فيهم، فلم يجز ان يصوموا لأنهم لم ينووه من الليل ولم يكونوا عصاة بالفطر فهم مفطرون لا صائمون، وأما من تعمد الفطر عاصيا فهو مفترض عليه بلا خلاف صوم ذلك اليوم ومحرم عليه فيه كل ما يحرم على الصائم، ولم يأت نص، ولا اجماع بإباحة الفطر له إذا عصى بتعمد (1) الفطر فهو باق على ما كان حراما عليه، وهو متزيد من المعصية متى ما تزيد فطرا ولا صوم له مع ذلك، وروينا عن عمرو بن دينار نحو هذا، وعن الحسن، وعطاء ان له ان يفطر.
762 مسألة ومن سافر في رمضان سفر طاعة أو سفر (2) معصية، أو لا طاعة ولا معصية ففرض عليه الفطر إذا تجاوز ميلا أو بلغه أو ازاءه، وقد بطل صومه حينئذ لاقبل ذلك، ويقضى بعد ذلك في أيام أخر، وله ان يصومه تطوعا، أو عن واجب لزمه، أو قضاء عن رمضان خال لزمه، وان وافق فيه يوم نذره صامه لنذره * وقد فرق قوم بين سفر الطاعة، وسفر المعصية فلم يروا له الفطر في سفر المعصية، وهو قول مالك، والشافعي.
قال على: والتسوية بين كل ذلك هو (3) قول أبي حنيفة، وأبي سليمان، وبرهان صحة قولنا قول الله تعالى: (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) فعم تعالى الاسفار كلها ولم يخص سفرا من سفر (ومن كان ربك نسيا) وأيضا فقد أتينا بالبراهين على بطلان الصوم بالمعصية تتعمد، والسفر في المعصية معصية وفسوق فقد بطل صومه بهما، والقوم أصحاب قياس بزعمهم ولا يختلفون ان من قطع الطريق أو ضارب قوما ظالما لهم مريدا قتلهم وأخذ أموالهم فدفعوه عن أنفسهم وأثخنوه ضربا في تلك المدافعة حتى أوهنوه فمرض من ذلك مرضا لا يقدر معه على الصوم، ولا على الصلاة قائما فإنه يفطر ويصلى قاعدا ويقصر (4)، فأي فرق بين مرض المعصية وسفر المعصية، وأما المقدار الذي يفطر فيه فقد ذكرناه في كتاب الصلاة متقصى والحمد لله رب العالمين، ونذكر ههنا إن شاء الله تعالى منه طرفا.
وهو ان أبا حنيفة حد السفر الذي يفطر فيه (5) من الزمان بمسير ثلاثة أيام، ومن المسافات بمقدار ما بين الكوفة والمدائن، ذكر ذلك ذلك محمد بن الحسن في الجامع الصغير.