فصار منقطعا، ثم لم يذكر أيضا (1) لفظ أنس، ولا كيف رواه، فلم يجز القطع به على الجهالة.
وأما سائر الأخبار فمرسلة.
وهذا مما ترك فيه المالكيون المرسل، وهم يقولون إذا وافق تقليدهم: (2) انه كالمسند، وردوا فيه رواية المجهول، وهم يأخذون بها إذا وافقتهم (3) فبطل كل ما موهوا به من الآثار.
وأما قياسهم الزكاة على ديون الناس المؤجلة فالقياس كله باطل، ثم لو صح لكان هذا منه عين الباطل! لان تعجيل ديون الناس المؤجلة قد وجب بعد ثم اتفقا على تأجيلها (4) والزكاة لم تجب بعد، فقياس ما لم يجب على ما قد وجب في الأداء باطل.
وأيضا: فتعجيل ديون الناس المؤجلة لا يجوز الا برضا من الذي له الدين، وليست الزكاة كذلك، لأنها ليست لانسان بعينه، ولا لقوم بأعيانهم دون غيرهم، فيجوز الرضا منهم بالتعجيل، وإنما هي لأهل صفات تحدث فيمن لم يكن من أهلها، وتبطل عمن كان من أهلها.
ولا خلاف في أن القابضين لها الآن عند من أجاز تعجيلها لو أبرؤا منها دون قبض لم يجز ذلك ولا برئ منها من تلزمه الزكاة بابرائهم، وبخلاف إبراء من له دين مؤجل.
وكذلك ان دفعها إلى الساعي، فقد يأتي وقت الزكاة والساعي ميت أو معزول، والذي بعثه كذلك، فبطل قياسهم ذلك على ديون الناس.
وكذلك قياسهم على النفقات الواجبة، ولو أن امرءا عجل نفقة لامرأته أو من تلزمه نفقته، ثم جاء الوقت الواجبة فيه النفقة، والذي تجب له مضطر: لم يجزئه تعجيل ما عجل، وألزم الآن النفقة، أمر باتباعه بما عجل له دينا، لاستهلاكه ما لم يجب له بعد.
بل لو كان القياس حقا لكان قياس تعجيل الزكاة قبل وقتها على تعجيل الصلاة قبل وقتها والصوم قبل وقته أصح، لأنها كلها عبادات محدودة بأوقات لا يجوز تعديها وهذا مما تركوا فيه القياس.
فان ادعوا اجماعا على المنع من تعجيل الصلاة أكذبهم الأثر الصحيح عن ابن عباس والحسن وهبك لو صح لهم الاجماع لكان هذا حجة عليهم، لان من أصلهم أن