أو من غير جنسه: فإنه يزكى ما عنده، ولا يسقط من أجل الدين الذي عليه شئ من زكاة ما بيده. وهو قول الشافعي، وأبي سليمان وغيرهما.
وقال مالك: يعجل الدين في العروض التي عنده التي لا زكاة فيها، ويزكى ما عنده فإن لم يكن عنده عروض جعل دينه فيما بيده مما فيه الزكاة، وأسقط بذلك الزكاة، فان فضل عن دينه شئ يجب في مقداره الزكاة زكاه، والا فلا وإنما هذا عنده في الذهب والفضة فقط، وأما المواشي والزرع والثمار فلا، ولكن يزكى كل ذلك، سواء كان عليه دين مثل ما معه من ذلك أو أكثر أو أقل.
وقال آخرون: يسقط الدين زكاة العين والمواشي، ولا يسقط زكاة الزرع والثمار.
وقال أبو يوسف ومحمد: يجعل ما عليه من الدين في كل مال تجب فيه الزكاة، سواء في ذلك الذهب، والفضة، والمواشي، والحرث، والثمار، وعروض التجارة، يسقط به زكاة كل ذلك، ولا يجعل دينه في عروض القنية ما دام عنده مال تجب فيه الزكاة، أو ما دام عنده عروض للتجارة. هو قول الليث بن سعد، وسفيان الثوري.
وقال زفر: لا يجعل دين الزرع الا في الزرع، ولا يجعل دين الماشية الا في الماشية، ولا يجعل دين العين إلا في العين، فيسقط (1) بذلك ما عنده مما عليه دين مثله.
ومن طريق ابن جريج: قلت لعطاء: حرث لرجل دينه أكثر ما ماله، أيؤدى حقه؟ قال: ما نرى على رجل دينه أكثر ما ماله صدقة، لا في ماشية ولا في أصل.
قال ابن جريج: سمعت أبا الزبير سمعت طاوسا يقول: ليس عليه صدقة.
قال أبو محمد: إسقاط الدين زكاة ما بيد المدين لم يأت به قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ولا إجماع، بل قد جاءت السنن الصحاح بايجاب الزكاة في المواشي، والحب، والتمر، والذهب، والفضة، بغير تخصيص من عليه دين ممن لادين عليه.
وأما من طريق النظر فان ما بيده له أن يصدقه (2) ويبتاع منه جارية يطؤها ويأكل منه وينفق منه، ولو لم يكن له لم يحل له التصرف فيه (3) بشئ من هذا، فإذ هوله ولم يخرجه (4) عن ملكه ويده ما عليه من الدين فزكاة ماله عليه (5) بلا شك.
وأما تقسيم مالك ففي غاية التناقض، وما نعلمه عن أحد قبله، وكذلك قول أصحاب أبي حنيفة أيضا. وبالله التوفيق.
والمالكيون ينكرون على أبي حنيفة هذا بعينه في إيجابه الزكاة في زرع اليتيم