فان قالوا: قد روى عن علي: ان فيه الخمس.
قلنا: أنتم أول مخالف لهذا الحكم إن كان حجة، لان الخبر إنما هو في رجل استخرج معدنا فباعه بمائة شاة واخرج المشترى منه ثمن ألف شاة، فرأى على الخمس (1) على المشترى، لا على المستخرج له.
وأما من رأى فيه الزكاة فاحتجوا بحديث مالك عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لبلال بن الحارث معادن القبلية وهي في ناحية الفرع) (2) قال: فتلك المعادن لا يؤخذ منها الا الزكاة إلى اليوم.
قال أبو محمد: وليس هذا بشئ (3) لأنه مرسل، وليس فيه مع ارساله الا اقطاعه عليه السلام تلك المعادن فقط، وليس فيه أنه عليه السلام أخذ منها الزكاة.
ثم لو صح لكان المالكيون أول مخالف له، لأنهم رأوا في الندرة تصاب فيه بغير كبير (4) عمل الخمس، وهذا خلاف ما في هذا الخبر.
ويسألون أيضا عن مقدار ذلك العمل الكبير (5) وحد الندرة؟ ولا سبيل إليه الا بدعوى لا يجوز الاشتغال بها. فظهر أيضا فساد هذا القول وتناقضه.
وقالوا أيضا: المعدن كالزرع (6)، يخرج شئ بعد شئ.
قال على: قياس المعدن على الزرع كقياسه على الركاز، وكل ذلك باطل، ولو كان القياس حقا لتعارض هذان القياسان، وكلاهما فاسد، أما قياسه على الركاز فيلزمهم ذلك في كل معدن، والا فقد تناقضوا، واما قياسه على الزرع فيلزمهم أن يراعوا فيه خمسة أوسق (7)، والا فقد تناقضوا، ويلزمهم أيضا ان يقيسوا كل معدن من حديد أو نحاس على الزرع.
واحتج كلتا الطائفتين بالخبر الثابت من طريق مسلم عن قتيبة: ثنا عبد الواحد عن عمارة بن القعقاع ثنا عبد الرحمن بن أبي نعم (8) قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول:
(بعث علي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها،