سقط عنه ما عجز عنه من ذلك بخلاف ما هو قادر على إحضاره واستخراجه من مدفنه هو أو وكيله وما سقط ببرهان لم يعد إلا بنص أو إجماع.
وقد كانت الكفار يغيرون على سرح المسلمين في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما كلف قط أحدا زكاة ما أخذه الكافر من ماله.
وقد يسرق المال ويغصب فيفرق ولا يدرى أحد مكانه، فكان تكليف أداء الزكاة عنه (1) من الحرج الذي قد أسقطه الله تعالى، إذ يقول: (وما جعل عليكم في الدين من حرج).
وكذلك تغلب الكفار على بلد نخل، فمن المحال تكليف ربها أداء زكاة ما أخرجت.
وأما الغاصب فإنه عليه التصرف في مال غيره، بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (2):
(ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام) فاعطاؤه الزكاة (3) من مال غيره تعدى منه، فهو ضامن لما تعدى فيه. قال تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) وقال أبو حنيفة: بمثل هذا كله، الا أنه قال: إن كان المال المدفون بتلف مكانه (4) في منزله أدى زكاته، وإن كان خارج منزله فلا زكاة عليه فيه. وهذا تقسيم فاسد ما نعلم أحدا قاله قبله.
وقال مالك: لا زكاة عليه فيه، فان رجع إليه (5) زكاة لسنة واحدة فقط وان غاب عنه سنين. وهذا قول ظاهر الخطأ، وما نعلم لهم حجة، إلا أنهم قلدوا في ذلك عمر ابن عبد العزيز في قوله له رجع إليه، وكان قال قبل ذلك، بأخذ الزكاة منه لكل سنة خلت.
والعجب أنهم قلدوا عمر ههنا، ولم يقلدوه في رجوعه إلى القول بالزكاة في العسل وإنما قال عمر بالقول الذي قلدوه فيه لأنه كان يرى الزكاة في المال المستفاد حين يفاد فخالفوه ههنا وهذا كله تخليط!.
وقال سفيان: في أحد قوليه وأبو سليمان: عليه الزكاة لكل سنة خلت.
وقد جاء عن عثمان، وابن عمر إيجاب الزكاة في المقدور عليه، فدل ذلك (6) على أنهما لا يريان الزكاة في غير المقدور عليه، ولا مخالف لهما من الصحابة رضي الله عنهم.
وقولنا في هذا هو قول قتادة، والليث وأحد قولي سفيان، وروى أيضا عن عمر بن عبد العزيز.