واحتجوا بحديث وائل بن حجر في الذي أعطى في صدقة ماله فصيلا مخلولا (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم: (لا بارك الله له، ولا في إبله (2)) فبلغ ذلك الرجل، فجاء بناقة فذكر من جماله أو حسنها، وقال: أتوب إلى الله والى نبيه، فقال النبي صلى الله عليه وآله سلم (اللهم بارك فيه وفى إبله) (3).
وقال أبو محمد هذا خبر صحيح ولا حجة لهم فيه، لان الفصيل لا يجزئ في شئ من الصدقة بلا شك، وناقة حسناء جميلة قد تكون جذعة وقد تكون حقة، فأعطى ما عليه بأحسن ما قدر، وليس فيه نص ولا دليل على إعطاء غير السن الواجبة عليه ولا على القيمة أصلا.
واحتجوا بالخبر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم من طريق مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع قال: (استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم بكرا فجاءته إبل من إبل الصدقة، فأمرني أن أقضى الرجل بكره، فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم سلم: أعطه إياه، فان خيار الناس أحسنهم قضاء).
قال أبو محمد: هذا خبر صحيح ولا حجة لهم فيه، لأنه ليس فيه ان ذلك الجمل أخذ في زكاة واجبة بعينه، وقد يمكن أن يبتاعه المصدق ببعض ما أخذ في الصدقة، فهذا غير ممتنع.
وقد جاء في هذا أثر يحتجون بدونه، وأما نحن فلسنا نورده محتجين به، لكن تذكير الهم.
وهو خبر رويناه من طريق أبى بكر بن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن سليمان عن مجالد عن الصنابح الأحمسي: (4) (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم أبصر ناقة في إبل الصدقة، فقال ما هذه؟ فقال صاحب الصدقة: إني ارتجعتها ببعيرين من حواشي الإبل، قال: فنعم إذن).