فقيل لهم: وعلى هذا فالأكل والشرب ينافي الصلاة وأنتم تقولون: ان ذلك لا يبطل الصلاة إذا كان بنسيان! فظهر تناقضهم! فكيف وقولهم هذا خطأ؟!.
وإنما الصواب أن تعمد الأكل والشرب والجماع والقئ ينافي الصوم، لا الاكل كيف كان، ولا الشرب كيف كان، ولا الجماع كيف كان، ولا القئ كيف كان، فهذا هو الحق المتفق عليه، والذي جاءت به النصوص من القرآن والسنن.
وأما دعواهم فباطل، عارية من الدليل جملة، لا من قرآن، ولا من سنة صحيحة، ولامن رواية فاسدة، ولامن قياس، ولا من قول أحد من الصحابة رضي الله عنهم، بل هذا مما نقضوا فيه وتناقضوا فيه، لأنهم يعظمون خلاف قول الصاحب إذا وافقهم وخالفوا ههنا طائفة من الصحابة لا يعرف لهم منهم مخالف، وقالوا: الكلام، أو الاكل، أو الشرب في الصلاة بنسيان لا يبطلها، وأبطلوا الصوم بكل ذلك بالنسيان! وهذا تناقض لاخفاء به.
وأما أبو حنيفة فتناقض أيضا، لأنه رأى أنه الكلام ناسيا. أو الاكل ناسيا. أو الشرب ناسيا تبطل الصلاة بكل ذلك ويبتدئها، وخالف السنة الواردة في ذلك، ورأي الجماع يبطل الحج ناسيا كان، أو عامدا (1) ورأي أن كل ذلك لا يبطل الصوم، واتبع الخبر في ذلك، ورأي الجماع ناسيا لا يبطل الصوم، قياسا على الاكل، ولم يقس الآكل نائما على الآكل ناسيا، بل رأى (2) الاكل نائما يبطل الصوم، وهو ناس بلا شك، وهذا تخليط لا نظير له!.
وادعى مقلدوه الاجماع على أن الجماع والاكل ناسيا سواء، وكذبوا في ذلك، لأننا روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج: قلت لعطاء: رجل أصاب امرأته ناسيا في رمضان؟ فقال عطاء: لا ينسى هذا كله! عليه القضاء، لم يجعل الله له عذرا، وان طعم ناسيا فليتم صومه ولا يقضيه، الله أطعمه وسقاه (3) وبه يقول سفيان الثوري.
ورأي ابن الماجشون على من أكل ناسيا. أو شرب ناسيا القضاء، وعلى من جامع ناسيا القضاء والكفارة! وهذه أقوال فاسدة، وتفاريق لا تصح. وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: ومن أكل وهو يظن أنه ليل أو جامع كذلك أو شرب كذلك فإذا به نهار إما بطلوع الفجر وأما بأن الشمس لم تغرب: فكلاهما لم يتعمد إبطال صومه، وكلاهما ظن أنه في غير صيام، والناسي ظن أنه في غير صيام ولا فرق، فهما