المحلى - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٢٢٣
والناسي سواء ولا فرق.
وليس هذا قياسا ومعاذ الله من ذلك وإنما يكون قياسا لو جعلنا الناسي أصلا ثم شبهنا به من أكل وشرب وجامع وهو يظن أنه في ليل فإذا به في نهار، ولم نفعل هذا بل كلهم سواء في قول الله تعالى: (ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) وفى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لامتي (1) الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه (2)).
وهذا قول جمهور السلف.
روينا من طريق عبد الرزاق: ثنا معمر عن الأعمش عن زيد بن وهب قال: أفطر الناس في زمن عمر بن الخطاب فرأيت عساسا (3) أخرجت من بيت حفصة فشربوا، ثم طلعت الشمس من سحاب، فكأن ذلك شق على الناس، فقالوا: نقضي هذا اليوم فقال عمر: لم؟ والله ما تجانفنا لاثم (4).
وروينا أيضا من طريق الأعمش عن المسيب (5) عن زيد بن وهب، ومن طريق ابن أسلم عن أخيه عن أبيه ولم يذكر قضاء.
وقد روى عن عمر أيضا القضاء، وهذا تخالف من قوله، فوجب الرجوع إلى ما افترض الله تعالى الرجوع إليه عند التنازع، من القرآن والسنة، فوجدنا ما ذكرنا قبل، مع أن هذه الرواية عن عمر أولى لان زيد بن وهب له صحبة، وإنما روى عنه القضاء من طريق علي بن حنظلة عن أبيه (6).
وروينا من طريق شعبة قال: سألت الحكم بن عتيبة عمن تسحر نهارا وهو يرى أن عليه ليلا؟ يقال: يتم صومه.
ومن طريق سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد قال: من أكل

(1) في النسخة رقم (14) (عن أمتي) وبحاشيتها نسخة أخرى كما هنا (2) سواء رضى المؤلف أن يكون هذا قياسا أو لم يرض فإنه قياس في الحقيقة على الناسي، لان النص لم يدل على عدم بطلان صوم من أفطر ظانا انه في ليل، والقياس على الناسي الذي ذكره المؤلف قياس صحيح، وان تحاشى هو ان يسميه قياسا (3) هو بكير العين وتخفيف السين المهملتين، جمع (عس) بضم العين وهو القدح الضخم، قيل نحو ثمانية أرطال أو تسعة، ويجمع أيضا على (اعساس) و (عسسة) بكسر العين وفتح السينين (4) تجانف لاثم: مال إليه، أي لم نمل فيه لارتكاب اثم، وفى الأصلين (تجنفنا) وهو خطأ وقد نقله ابن حجر في الفتح (ج 4 ص 143) بلفظ (ما يجانفنا الاثم) وهو خطأ صرف (5) هو المسيب بن رافع الأسدي (6) على ابن حنظلة لم أجد له ترجمة، وفى رواة تاريخ الطبري (علي بن حنظلة بن أسعد الشامي) (ج 6 ص 243) فلا ادرى هو أو لا، وفى الرواة عن عمر (حنظلة بن قيس الزرقي) وليس في أولاده من يسمى عليا، وهذا الأثر نقله في الفتح من طريق عبد الرزاق (ج 4 ص 143)
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست