الفقير الذي لا مال له أصلا، لان الله تعالى أخبر أنهم أخرجوا من ديارهم وأموالهم (1) ولا يجوز أن يحمل ذلك على بعض أموالهم.
فان قيل: قد قال الله تعالى: (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف).
قلنا: صدق الله تعالى، وقد يلبس المرء في تلك البلاد إزارا ورداءا خلقين غسيلين لا يساويان درهما، فمن رآه كذلك ظنه غنيا، ولا يعد مالا مالا بد منه، ومما يستر العورة، إذا لم تكن له قيمة. وذكروا قول الشاعر:
أما الفقير الذي كانت حلوبته * وفق العيال فلم يترك لم سبد (2) وهذا حجة عليهم، لان من كانت حلوبته وفق عياله فهو غنى، وإنما صار فقيرا إذا لم يترك له سبد، وهو قولنا.
والعاملون عليها: هم العمال الخارجون من عند الامام الواجبة طاعته، وهم المصدقون، وهم السعاة.
قال أبو محمد: وقد اتفقت الأمة على أنه ليس كل من قال: أنا عامل عاملا، وقد قال عليه السلام: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) فكل من عمل من غير أن يوليه الامام الواجبة طاعته فليس من العاملين عليها، ولا يجزئ دفع الصدقة إليه، وهي مظلمة، وإلا أن يكون يضعها مواضعها، فتجزى حينئذ، لأنها قد وصلت إلى أهلها.
وأما عامل الامام الواجبة طاعته فنحن مأمورون بدفعها إليه، وليس علينا ما يفعل فيها، لأنه وكيل، كوصي اليتيم ولا فرق، وكوكيل الموكل سواء سواء.
والمؤلفة قلوبهم: هم قوم لهم قوة لا يوثق بنصيحتهم للمسلمين، فيتألفون بأن يعطوا من الصدقات ومن خمس الخمس.
والرقاب: هم الكاتبون والعتقاء، فجائز أن يعطوا من الزكاة.
وقال مالك: لا يعطى منها المكاتب.
وقال غيره: يعطى منها ما يتم به كتابته.