ويقال له: من أين لك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يذكر القمح، والزبيب فسكت عنهما وقصد إلى التمر والشعير لأنهما قوت أهل المدينة؟ وهذا لا يعلمه الا من أخبره عليه السلام بذلك عن نفسه أو من نزل عليه وحى بذلك.
وأيضا: فول صح لهم ذلك لكان الفرض في ذلك لا يلزم إلا أهل المدينة فقط.
وأيضا: فان الله تعالى قد علم وأنذر بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى سيفتح لهم الشأم، والعراق، ومصر، وما وراء البحار، فكيف يجوز أن يلبس على أهل هذه البلاد دينهم؟ فيريد منهم أمرا ولا يذكره لهم؟ ويلزمهم بكلامه مالا يلزمهم من التمر والشعير؟
ونعوذ بالله من مثل هذا الظن الفاسد المختلط.
واحتجوا بأخبار فاسدة لا تصح.
منها خبر رويناه من طريق إسماعيل بن أمية عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط) (1).
والحارث ضعيف، ثم لو صح لما كان فيه الا الاقط لا سائر ما يجيزون.
ومن طريق ابن وهب عن كثير بن عبد الله بن عمرو المزني عن ربيح بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر (صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط أو صاعا من شعير).
وكثير بن عبد الله ساقط، لا تجوز الرواية عنه، (2) ثم لو صح لم يكن فيه إلا الاقط، والزبيب.