والزكاة، فلما نزلا لم نؤمر ولن ننه عنه، ونحن نفعله) (1).
قال أبو محمد: وهذا الخبر حجة لنا عليهم، لان فيه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر، فصار أمرا مفترضا ثم لم ينه عنه، فبقي فرضا كما كان، وأما يوم عاشوراء فلولا أنه عليه السلام صح أنه قال بعد ذلك: (من شاء صامه ومن شاء تركه) لكان فرضه باقيا، ولم يأت مثل هذا القول في زكاة الفطر، فبطل تعلقهم بهذا الخبر، وقد قال تعالى:
(أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر زكاة، فهي داخلة في أمر الله تعالى بها، والدلائل (2) على هذا تكثر جدا.
وروينا عن وكيع عن سفيان الثوري عن عصام بن سليمان عن عصام بن سليمان الأحول عن محمد بن سيرين وأبى قلابة قالا جميعا: زكاة الفطر فريضة: وهو قول الشافعي وأبي سليمان وغيرهما.
وأجاز قوم أشياء (3) غير ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قوم: يجزئ فيها القمح وقال آخرون: والزبيب والأقط (4).
واحتجوا بأشياء منها: أنهم قالوا: إنما يخرج كل أحد مما يأكل ومن قوت أهل بلده، فقلنا: هذه دعوى باطل بلا برهان، ثم قد نقضتموها لأنه إنما يأكل الخبز لا الحب، فأوجبوا أن يعطى خبزا لأنه هو أكله، هو قوت أهل بلده، فان قالوا:
هو غير ما جاء به الخبر، قلنا: صدقتم وكذلك ما عدا التمر والشعير.
وقالوا: إنما خص عليه السلام بالذكر التمر والشعير لأنهما كانا قوت أهل المدينة.
قال أبو محمد: وهذا قول فاحش جدا، أول ذلك أنه كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكشوف! لان هذا القائل قوله عليه السلام ما لم يقل، وهذا عظيم جدا.