فان قالوا هذا علي الندب، قيل لهم: وكل ما أوجبتموه من الاستطهار وغير ذلك لعله ندب، ولا فرق، وهذا قول يؤدي إلى ابطال الشرائع كلها مع خلافه لأمر الله تعالى في قوله عز وجل: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم وما نعلم لهم متعلقا في قولهم هذا لا بقرآن ولا بسنة ولا بدليل ولا بقول صاحب ولا بقياس * وأما قول أبي حنيفة ففاسد أيضا، لأنه مخالف للخبر الذي تعلق به، ومخالف للمعقول وللقياس، وما وجدنا قط طهارة تنتقض بخروج وقت وتصح بكون الوقت قائما، وموه بعضهم في هذا بأن قالوا: قد وجدنا الماسح في السفر والحضر تنتقض طهارتهما بخروج الوقت المحدود لهما فنقيس عليهما المستحاضة * قال أبو محمد: القياس كله باطل، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل لأنه قياس خطأ وعلى خطأ، وما انتقضت قط طهارة الماسح بانقضاء الأمد المذكور بل هو طاهر كما كان، ويصلى ما لم ينتقض وضوؤه بحدث من الاحداث، وإنما جاءت السنة بمنعه من الابتداء للمسح فقط، لا بانتقاض طهارته، ثم لو صح لهم ما ذكروا في الماسح وهو لا يصح لكان قياسهم هذا باطلا، لأنهم قاسوا خروج وقت كل صلاة في السفر والحضر على انقضاء يوم وليلة في الحضر، وعلى انقضاء ثلاثة أيام بلياليهن في السفر، وهذا قياس سخيف جدا، وإنما كانوا يكونون قائسين على ما ذكروا لو جعلوا المستحاضة تبقى بوضوئها يوما وليلة في الحضر، وثلاثة في السفر ولو فعلوا هذا لوجدوا فيما يشبه بعض ذلك سلفا، وهو سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله والقاسم بن محمد، فقد صح عنهم (1) انها تغتسل من الظهر إلى الظهر (2) وأما قولهم هذا فعار من أن يكون لهم فيه سلف، وما نعلم لقولهم حجة، لا من قرآن ولا
(٢٥٤)