أو اغتسل به بعينه لجنابة أو غيرها، وسواء كان المتوضئ به رجلا أو امرأة * برهان ذلك قول الله تعالى (وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا) فعم تعالى كل ماء ولم يخصه، فلا يحل لاحد أن يترك الماء في وضوئه وغسله الواجب وهو يجده إلا ما منعه منه نص ثابت أو اجماع متيقن مقطوع بصحته. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء) فعم أيضا عليه السلام ولم يخص، فلا يحل تخصيص ماء بالمنع لم يخصه نص آخر أو اجماع متيقن * حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا ابن السليم ثنا ابن الاعرابي ثنا أبو داود ثنا مسدد ثنا عبد الله بن داود - وهو الخريبى - عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ قالت: (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من فضل ماء كان بيده (1)) * وأما من الاجماع فلا يختلف اثنان من أهل الاسلام في أن كل متوضئ فإنه يأخذ الماء فيغسل به ذراعيه من أطراف أصابعه إلى مرفقه، وهكذا كل عضو في الوضوء وفى غسل الجنابة، وبالضرورة والحس يدرى كل مشاهد لذلك أن ذلك الماء قد وضئت به الكف وغسلت، ثم غسل به أول الذراع ثم آخره، وهذا ماء مستعمل بيقين، ثم إنه يرد يده إلى الاناء وهي تقطر من الماء الذي طهر به العضو، فيأخذ ماء آخر للعضو الآخر، فبالضرورة يدرى كل ذي حس (2) سليم أنه لم يطهر العضو الثاني إلا بماء جديد قد مازجه ماء آخر مستعمل في تطهير عضو آخر، وهذا ما لا مخلص منه * وهو قول الحسن البصري وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح، وهو أيضا قول سفيان الثوري وأبى ثور وداود وجميع أصحابنا *
(١٨٤)