وقال بعضهم: قد جاء أثر بأن الخطايا تخرج مع غسل أعضاء الوضوء * قلنا: نعم - ولله الحمد - فكان ماذا؟ وإن هذا لمما يغبط باستعماله مرارا إن أمكن لفضله، وما علمنا للخطايا أجراما تحل في الماء * وقال بعضهم: الماء المستعمل كحصى الجمار الذي رمى به لا يجوز أن يرمى به ثانية * قال أبو محمد: وهذا باطل، بل حصى الجمار إذا رمى بها فجائز أخذها والرمي بها ثانية، وما ندري شيئا يمنع من ذلك، وكذلك التراب الذي تيمم به فالتيمم به جائز، والثوب الذي سترت به العورة في الصلاة جائز أن تستر به أيضا العورة في صلاة أخرى، فإن كانوا أهل قياس فهذا كله باب واحد * وقال بعضهم: الماء المستعمل بمنزلة الماء الذي طبخ فيه فول أو حمص * قال علي: وهذا هوس مردود على مثله (1) وما ندري شيئا يمنع من جواز الوضوء والغسل بماء طبخ فيه فول أو حمص أو ترمس أو لوبيا، ما دام يقع عليه اسم ماء * وقال بعضهم: لما لم يطلق على الماء المستعمل اسم الماء مفردا دون أن يتبع باسم آخر وجب أن لا يكون في حكم الماء المطلق * قال أبو محمد: وهذه حماقة، بل يطلق عليه اسم ماء فقط، ثم لا فرق بين قولنا ماء مستعمل فيوصف بذلك، وبين قولنا ماء مطلق فيوصف بذلك، وقولنا ماء ملح أو ماء عذب أو ماء مر أو ماء سخن أو ماء مطر، وكل ذلك لا يمنع من جواز الوضوء به والغسل * ولو صح قول أبي حنيفة في نجاسة الماء المتوضأ به والمغتسل به لبطل أكثر الدين، لأنه كان الانسان إذا اغتسل أو توضأ ثم لبس ثوبه لا يصلى إلا بثوب نجس كله، وللزمه أن يطهر أعضاءه منه بماء آخر * وقال بعضهم: لا ينجس إلا إذا فارق الأعضاء * قال أبو محمد: وهذه جرأة على القول بالباطل في الدين بالدعوى. ويقال لهم:
هل تنجس عندكم إلا بالاستعمال؟ فلا بد من نعم، فمن المحال أن لا ينجس في الحال