قال: ((سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفأرة تقع في السمن قال: إذا كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه (1)) قال عبد الرزاق: وقد كان معمر يذكره أيضا عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن ميمونة.
قال: وكذلك حدثناه ابن عيينة * قال علي: الفأرة والحية والدجاجة والحمامة والعرس أسماء كل واحد منها يقع على الذكر في لغة العرب وقوعه على الأنثى، وفى قوله صلى الله عليه وسلم: (ألقوها وما حولها) برهان بأنها لا تكون الا مينة، إذ لا يمكن ذلك من الحية * فان قيل: فان عبد الواحد بن زياد روى عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة هذا الخبر فقال: (وإن كان ذائبا أو مائعا فاستصبحوا به أو قال: انتفعوا (2) به). قلنا وبالله تعالى التوفيق: عبد الواحد قد شك في لفظة الحديث، فصح انه لم يضبطه. ولا شك في أن عبد الرزاق أحفظ لحديث معمر.
وأيضا فلم يختلف عن معمر عن الزهري عن عبيد الله أن ابن عباس عن ميمونة. ومن لم يختلف عليه أحق بالضبط ممن اختلف عليه. وأما الذي نعتمد عليه في هذا فهو أن كلا الروايتين حق، فأما رواية عبد الواحد فموافقة لما كنا نكون عليه لو لم يرد شئ من هذه الرواية، لان الأصل إباحة الانتفاع بالسمن وغيره، لقول الله تعالى:
(خلق لكم ما في الأرض جميعا). وأما رواية عبد الرزاق فشرع وارد وحكم زائد ناسخ للإباحة المتقدمة بيقين لا شك فيه. ونحن على يقين من أن الله تعالى لو أعاد حكم المنسوخ وأبطل حكم الناسخ لبين ذلك بيانا يرفع به الاشكال، قال الله تعالى: