النجس لا يطهر بملاقاة الطاهر، وأن الحلال لا يحرم بملاقاة الحرام، والحرام لا يحل بملاقاة الحلال، بل الحلال حلال كما كان، والحرام حرام كما كان، والطاهر طاهر كما كان والنجس نجس كما كان، إلا أن يرد نص باحاله حكم من ذلك، فسمعا وطاعة، وإلا فلا * ولو تنجس الماء بما يلاقيه من النجاسات ما طهر شئ أبدا، لأنه كان إذا صب على النجاسة لغسلها ينجس على قولهم ولا بد، وإذا تنجس وجب تطهيره، وهكذا أبدا، ولو كان كذلك لتنجس البحر والأنهار الجارية كلها، لأنه إذا تنجس الماء الذي خالطته النجاسة وجب أن يتنجس الماء الذي يماسه أيضا، ثم يجب ان يتنجس ما مسه أيضا كذلك أبدا، وهذا لا مخلص منه * فان قالوا في شئ من ذلك: لا يتنجس. تركوا قولهم ورجعوا إلى الحق، وتناقضوا، وفي اجماعهم معنا على بطلان ذلك وعلى تطهير المخرج والدم في الفم والثوب والجسم: اقرار بأنه لا نجاسة إلا ما ظهرت فيه عين النجاسة، ولا يحرم إلا ما ظهر فيه عين المنصوص على تحريمه فقط، وسائر قولهم فاسد * فان فرقوا بين الماء الوارد وبين الذي ترده النجاسة. زادوا في التخليط بلا دليل * وأما إذا تغير لون الحلال الطاهر بما مازجه من نجس أو حرام أو تغير طعمه بذلك، أو تغير ريحه بذلك، فإننا حينئذ لا نقدر على استعمال الحلال إلا باستعمال الحرام، واستعمال الحرام في الأكل والشرب وفي الصلاة حرام كما قلنا، ولذلك وجب الامتناع منه، لا لان الحلال الطاهر حرم ولا تنجست عينه، ولو قدرنا على تخليص الحلال الطاهر من الحرام والنجس، لكان حلالا بحسبه * وكذلك إذا كانت النجاسة أو الحرام على جرم طاهر فأزلناها، فان النجس لم يطهر والحرام لم يحل، لكنه زايل الحلال الطاهر، فقدرنا على أن نستعمله حينئذ حلالا طاهرا كما كان (1) *
(١٣٧)