أيام عمره - أعني من أوان بلوغه رتبة الحلم إلى وقت وفاته - بقدر مائتي بيت، وهذا واضح، فما يقال في المشهور جزاف فاضح، بل ولو حوسب جميع ما كتبه مدة عمرة وإن كان من غير مؤلفاته لما بلغ هذا المقدار، ويكون من إغراقات الجاهل الهذار (1).
وقال التنكابني عند ذكره كرامات العلامة: الكرامة الخامسة، لم يكن بين العلماء مثل العلامة في كثرة التأليف، مع أنه كان مشتغلا بالتعليم والتدريس والأسفار الكثيرة والمصاحبات والمراودات مع الملوك والأعيان والأعاظم والمناظرات والمباحثات الكثيرة مع الجمهور، مع هذا الحال وزعوا تأليفاته على مدة عمره فكان بمقدار كل يوم جزء، ومعروف أيضا كل يوم ألف بيت، وهذه نهاية الكرامة...
وسمع بل ذكر في بعض الكتب أن علماء العامة استبعدوا أن يكون كل يوم ألف بيت من مؤلفات العلامة، وعلى هذا السبب أنكروا هذا، ولم يفهموا أن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
مع أنهم لو نسبوا مثل هذه النسبة إلى علمائهم - مع علمنا بكذبهم - لصدقوا ذلك، مثل أن ابن خلكان الشافعي ذكر في تاريخه في ترجمة هشام بن الصائب الكلبي النسابة أنه حفظ القرآن في ثلاثة أيام، وفي ترجمة محمد بن عبد الله بن واحد قال:
إنه أملى عن حفظه ثلاثين ألف ورقة في علم اللغة، وفي ترجمة محمد بن القاسم المعروف بابن الأنباري أنه كان يحفظ مائتين كتاب من كتب تفسير القرآن مع الأسانيد وكذا ثلاثمائة ألف بيت من شواهد القرآن ومع هذا له تصانيف كثيرة منها غريب الحديث أربعة وخمسين ألف ورقة وشرح الكافي في ألفين ورقة وكتب أخرى قريبة من ألف ورقة وكتاب في أحوال الأيام والجاهلية سبعمائة ورقة وغيرها، وفي ترجمة عبد الرحمن بن علي المشهور بأبي الفرج بن الجوزي الحنبلي قال: كتبه