فيما كلفه أمته من الأعمال أو الناس فعلى الأول يكون قوله ما لم يكن إنما استثناء منقطعا وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قال الباجي روى بن حبي عن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعفو عمن شتمه إلا أن تنتهك حرمة الله قال الباجي يريد أن يؤذى أذى فيه غضاضة على الدين فإن في ذلك انتهاكا لحرمة الله فينتقم لله بذلك إعظاما لحق الله وقال بعض العلماء انه لا يجوز أن يؤذى النبي صلى الله عليه وسلم بفعل مباح ولا غيره وأما غيره من الناس فيجوز أن يؤذى بمباح وليس له المنع منه ولا يأثم فاعل المباح وإن وصل بذلك أذى إلى غيره ولذلك لم يأذن صلى الله عليه وسلم نكاح على ابنة أبي جهل فجعل حكم ابنته حكمه في أنه لا يجوز أن يؤذى بمباح واحتج على ذلك بقوله إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله إلى أن قال والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فشرط على المؤمنين أن يؤذوا يغير ما اكتسبوا وأطاق الأذى في خاصة النبي صلى الله عليه وسلم من غير شرط انتهى (1604) عن بن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه وصله الدارقطني من طريق خالد بن عبد الرحمن الخراساني عن مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن أبيه ومن طريق موسى بن داود الضبي عن مالك كذلك قال بن عبد البر وخالد وموسى لا بأس بهما وقال الباجي قال حمزة الكناني هذا الحديث ثلث الاسلام والثاني حديث الأعمال بالنيات والثالث حديث الحلال بين والحرام بين وقال بن العربي هذا الحديث إشارة إلى ترك الفضول لأن المرء لا يقدر أن يستقل باللازم فكيف أن يتعداه إلى الفاضل (1605) مالك أنه بلغه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت استأذن رجل الحديث وصله البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي من طريق سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر عن عروة عن عائشة وفي المنتقى للباجي عن بن حبيب أن هذا الرجل هو عيينة بن حصن الفزاري بئس بن العشيرة قال الباجي وصفه بذلك ليعلم حاله فيحذر وليس ذلك من باب الغيبة
(٦٥١)