والثاني: لا يعطون لزوال تبعيتهم له، وإذا قلنا بالأظهر (فتعطى الزوجة حتى تنكح) وكذا الزوجات كما مر لاستغنائها بالزوج، فإن كان زوجها الثاني من المرتزقة قرر لها كفايتها تبعا له، ولو استغنت الزوجة بكسب أو إرث أو نحوه كوصية، لم تعط، وبه صرح في البيان بالنسبة إلى الكسب، وصرح الزركشي بالباقي. والظاهر كما قال الزركشي أن أم الولد كالزوجة.
تنبيه: قوله: حتى تنكح يقتضي أن الزوجة لو كانت ممن لا يرغب في نكاحها: أي ولم تستغن بما ذكر، أنها تعطى إلى الموت، وهو ظاهر. ويقتضي أيضا أنها لو امتنعت من التزويج مع رغبة الأكفاء فيها أنه تعطى، وهو ظاهر أيضا وإن نظر فيه. (و) يعطى (الأولاد حتى يستقلوا) بكسب أو نحوه كوصية أو يقدر الذكور على الغزو، فمن أحب إثبات اسمه في الديوان أثبت وإلا قطع، فإذا بلغ عاجزا لعمى أو زمانة أو نحو ذلك فكمن لم يبلغ أو تزوج الإناث.
تنبيه: استنبط السبكي رحمه الله تعالى من هذه المسألة أن الفقيه أو المعيد أو المدرس إذا مات تعطى زوجته وأولاده مما كان يأخذ ما يقوم بهم ترغيبا في العلم كالترغيب هنا وفي الجهاد، فإن فضل المال عن كفايتهم صرف إلى من يقوم بالوظيفة. قال: فإن قيل: هذا تعطيل لشرط الواقف إذا اشترطه مدرسا بصفة فإنها غير موجودة في زوجته وأولاده. قلنا: قد حصلت الصفة مدة من أبيهم والصرف لهم بطريق التبعية، ومدتهم مغتفرة في جنب ما مضى كزمن البطالة. ولا يقدح تقرير من لا يصلح للتدريس ونحوه لأنه تبع لولاية صحيحة، وإنما الممتنع تقرير من لا يصلح ابتداء كما يمتنع إثبات اسم من ليس أهلا للجهاد في الديوان ابتداء. قال ابن النقيب: ويفرق بينهما بأن العلم محبوب للنفوس لا يصد الناس عنه شئ فيوكل الناس فيه إلى ميلهم إليه، والجهاد مكروه للنفوس فيحتاج الناس في إرصاد أنفسهم إليه إلى التآلف، وإلا فمحبة الزوجة والولد قد تصد عنه. قال الولي العراقي: وفرق آخر، وهو أن الاعطاء من الأموال العامة وهي أموال المصالح أقوى من الخاصة كالأوقاف، فلا يلزم من التوسع في تلك التوسع في هذه لأنه مال معين أخرجه شخص لتحصيل مصلحة نشر العلم في هذا المحل المخصوص، فكيف يصرف مع انتفاء الشرط ومقتضى هذا الفرق الصرف لأولاد العالم. من المصالح كفايتهم كما كان يصرف لأبيهم، ومقتضى الفرق الأول عدمه اه. والفرق الثاني أظهر. وليكن وقت العطاء معلوما لا يختلف مسانهة أو مشاهرة أو نحو ذلك من أول السنة أو غيره أول كل شهر أو غيره بحسب ما يراه الإمام، والغالب أن الاعطاء يكون في كل سنة مرة لئلا يشغلهم الاعطاء كل أسبوع أو كل شهر عن الجهاد، ولان الجزية وهي معظم الفئ لا تؤخذ في السنة إلا مرة. ومن مات منهم بعد جمع المال وبعد تمام الحول فنصيبه لوارثه كالأجرة في الإجارة، أو بعد تمام الحول وقبل جمع المال فلا شئ لوارثه، إذ الحق إنما يثبت بجمع المال، وذكر الحول مثال فمثله الشهر ونحوه. وعلى الأظهر السابق من اختصاص الأخماس الأربعة بالمرتزقة. (فإن فضلت) بتشديد الضاد، أي زادت (الأخماس الأربعة عن حاجة المرتزقة وزع) الفاضل (عليهم على قدر مؤنتهم) لأنه حقهم. مثال ذلك: كفاية واحد ألف، وكفاية الثاني ألفان، وكفاية الثالث ثلاثة آلاف، وكفاية الرابع أربعة آلاف، فمجموع كفايتهم عشرة آلاف، فيفرض الحاصل على ذلك عشرة أجزاء، فيعطى الأول عشرها، والثاني خمسها، والثالث ثلاثة أعشارها، والرابع خمساها، وكذا يفعل إن زاد.
تنبيه: كلامه كغيره أن صرف الزائد لا يختص بالرجال المقاتلة، وهو مخالف لكلام الإمام فإنه قال: الذي فهمته عن كلام الأصحاب أنه يختص برجالهم حتى لا يصرف منه للذراري، أي الذين لا رجل لهم. قال الرافعي: ولا خلاف في جواز صرفه إلى المرتزقة عن كفاية السنة (والأصح) على الأظهر السابق أيضا (أنه يجوز أن يصرف بعضه) أي الفاضل القابلة عن حاجات المرتزقة (في إصلاح الثغور والسلاح والكراع) وهو الخيل، لأن ذلك معونة لهم. والثاني: المنع،