وهو بكسر الدال أشهر من فتحها: الدفتر الذي يكتب فيه أسماؤهم وقدر أرزاقهم، ويطلق الديوان على الموضع الذي يجلس فيه للكتابة. وهو فارسي معرب، وقيل أول من سماه بذلك كسرى، لأنه أطلع يوما على ديوانه وهم يحسبون مع أنفسهم، فقال: ديوانه، أي مجانين، ثم حذفت الهاء لكثرة استعمالهم تخفيفا. فإن قيل: هذا لم يكن في زمن النبي (ص) ولا زمن أبي بكر رضي الله عنه فهو بدعة وضلالة. أجيب بأن هذا أمر دعت الحاجة إليه واستحسن بين المسلمين، وقال (ص) ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. (وينصب) ندبا كما في الروضة، (لكل قبيلة) من المرتزقة (أو جماعة) منهم (عريفا) ليجمعهم عند الحاجة إليهم. ويسهل عليه ما يريده منهم ويعرفه بأحوالهم. ويرجع إليه الإمام في ذلك، لأنه (ص) قال في غزوة هوازن: ارجعوا حتى أسأل عرفاءكم، وكان قد عرف على كل عشرة عريفا. وزاد الإمام على ذلك فقال: وينصب الإمام صاحب جيش وهو ينصب النقباء وكل نقيب ينصب العرفاء، وكل عريف يحيط بأسماء المخصوصين به، فيدعو الإمام صاحب الجيش، وهو يدعو النقباء، وكل نقيب يدعو العرفاء الذين تحت رايته، وكل عريف يدعو من تحت رايته. والعريف فعيل بمعنى فاعل، وهو الذي يعرف مناقب القوم.
فائدة: قال عطاء بن يسار: حملة القرآن عرفاء الجنة. قال الدميري: ومعناه أنهم رؤوس أهلها. (ويبحث) الإمام وجوبا (عن حال كل واحد) من المرتزقة، (و) عن (عياله) وهم من تلزمه نفقتهم من أولاد وزوجات ورقيق لحاجة غزو أو لخدمة إن اعتادها لا رقيق زينة وتجارة (وما يكفيهم فيعطيه) كفايته، و (كفايتهم) من نفقة وكسوة وسائر المؤن بقدر الحاجة ليتفرغ للجهاد، ويراعى في الحاجة حاله في مروءته وضدها والمكان والزمان والرخص والغلاء وعادة البلد في المطاعم والملابس، ويزاد إن زادت حاجته بزيادة ولد وحدوث زوجة فأكثر. وما لا رقيق له يعطى من الرقيق ما يحتاجه للقتال معه أو لخدمته إذا كان ممن يخدم ويعطى مؤنته، ومن يقاتل فارسا ولا فرس له يعطى من الخيل ما يحتاجه للقتال ويعطى مؤنته، بخلاف الزوجات يعطى لهن مطلقا لانحصارهن في أربع. ثم ما يدفعه إليه لزوجته وولده الملك فيه لهما حاصل من الفئ، وقيل: يملكه هو ويصير إليهما من جهته. ولا يزاد أحد منهم لنسب عريق وسبق في الاسلام والهجرة وسائر الخصال المرضية وإن اتسع المال، بل يستوون كالإرث والغنيمة لأنهم يعطون بسبب ترصدهم للجهاد وكلهم مترصدون له. (ويقدم) ندبا (في إثبات الاسم) في الديوان (و) في (الاعطاء) أيضا (قريشا) على غيرهم، لخبر: قدموا قريشا ولشرفهم بالنبي (ص).
(وهم ولد النضر بن كنانة) أحد أجداده (ص)، سموا بذلك لتقرشهم وهو تجمعهم، وقيل: لشدتهم.
(ويقدم منهم) أي قريش (بني هاشم) وهو جده (ص) الثاني، سمي بذلك لأنه كان يهشم الثريد لقومه. (و) يقدم منهم أيضا بني (المطلب) شقيق هاشم.
تنبيه: عبر المصنف رحمه الله تعالى في بني المطلب بالواو إشارة إلى أنه لا ترتيب بينهم وبين بني هاشم لأنه (ص) من بني هاشم، وقد سوى بينهم وبين بني المطلب بقوله: أما بنو هاشم وبني المطلب فشئ واحد وشبك بين أصابعه، رواه البخاري. (ثم) بني (عبد شمس) لأنه أخو هاشم لأبويه، (ثم) بني (نوفل) لأنه أخو هاشم لأبيه عبد مناف، (ثم) بني (عبد العزي) لمكان خديجة رضي الله تعالى عنها من النبي (ص)، فإنهم أصهاره (ص)، وهي بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي. (ثم سائر البطون) أي باقيها من قريش، (الأقرب فالأقرب إلى رسول الله (ص)) فيقدم منهم بعد بني عبد العزي بني عبد الدار بن قصي، ثم بني زهرة بن كلاب لأنهم أخواله