في صغرها فإن الجد يزوجها، فلا ينافي ما هنا، ولعل هذا مراده بلا شك.
تنبيه: كان الأولى للمصنف أن يقيد اليتيم بالمسلم، لأن أيتام الكفار لا يعطون من سهم اليتامى شيئا، قاله الإمام والماوردي والصيمري وغيرهم، لأنه مال أخذ من الكفار فلا يرجع إليهم، وكذلك يشترط الاسلام في ذوي القربى والمساكين وابن السبيل لذلك. ويندرج في تفسيرهم اليتيم ولد الزنا واللقيط والمنفي باللعان، ولا يسمون أيتاما لأن ولد الزنا لا أب له شرعا فلا يوصف باليتيم، واللقيط قد يظهر أبوه، والمنفي بلعان قد يستخلفه نافيه، ولكن القياس أنهم يعطون من سهم اليتامى.
فائدة: يقال لمن فقد أمه دون أبيه منقطع، واليتيم في البهائم من فقد أمه، وفي الطير من فقد أمه وأباه. (ويشترط) في إعطاء اليتيم لا في تسميته يتيما (فقره) الآتي تعريفه في الكتاب الآتي، الشامل لمسكنته (على المشهور) لاشعار لفظ اليتم به، ولان اغتناءه بمال أبيه إذا منع استحقاقه فاغتناؤه بماله أولى بمنعه. والثاني: لا يشترط، وقال القاضي: إنه مذهب أصحابنا، وإلا لما كان في ذكره فائدة لدخوله في الفقراء، ورد بأن الفائدة عدم حرمانه. (والرابع والخامس: المساكين) الشاملون للفقراء (وابن السبيل) وسيأتي بيانهما في الكتاب الذي بعد هذا. ويشترط في ابن السبيل الفقر كما صرح به الفوراني وغيره، وإن كان ظاهر إطلاق المصنف عدم الاشتراط. قال الماوردي: ويجوز للإمام أن يجمع للمساكين بين سهمهم من الزكاة وسهمهم من الخمس وحقهم من الكفارات فيصير لهم ثلاثة أموال، قال: وإذا اجتمع في واحد يتم ومسكنة أعطى باليتم دون المسكنة، لأن اليتم وصف لازم والمسكنة زائلة، واعترض بأن اليتم لا بد فيه من فقر ومسكنة.
وقضية كلام الماوردي أنه إذا كان الغازي من ذوي القربى لا يأخذ بالغزو بل بالقرابة فقط، لكن ذكر الرافعي في قسم الصدقات أنه يأخذ بهما، واقتضى كلامه أنه لا خلاف فيه وهو ظاهر، والفرق بين الغزو والمسكنة أن الاخذ بالغزو لحاجتنا وبالمسكنة لحاجة صاحبها. (ويعم) الإمام ولو بنائبه (الأصناف الأربعة المتأخرة) بالعطاء وجوبا غائبهم عن موضع الفئ وحاضرهم. نعم يجعل ما في كل إقليم لساكنيه، فإن عدمه بعض الأقاليم بأن لم يكن في بعضها شئ أو لم يستوعبهم السهم بأن لم يف بمن فيه إذا وزع عليهم نقل إليهم بقدر ما يحتاج إليه الإمام في التسوية بين المنقول إليهم وغيرهم، ولا يجوز الاقتصار على ثلاثة من كل صنف كما في الزكاة كما جزما به. ويجوز أن يفاضل بين اليتامى وبين المساكين وبين أبناء السبيل لأنهم يستحقون بالحاجة فتراعى حاجتهم بخلاف ذوي القربى فإنهم يستحقون بالقرابة كما مر، فإن كان الحاصل يسيرا لا يسد مسدا بالتوزيع قدم الأحوج فالأحوج ولا يستوعب للضرورة، وتصير الحاجة مرجحة وإن لم تكن معتبرة في الاستحقاق. ومن فقد من الأصناف أعطي الباقون نصيبه كما في الزكاة إلا سهم رسول الله (ص) فإنه للمصالح كما مر.
ويصدق مدعي المسكنة والفقر بلا بينة وإن اتهم، ولا يصدق مدعي اليتم ولا مدعي القرابة إلا ببينة. (وقيل يخص بالحاصل) من مال الفئ (في كل ناحية من فيها منهم) كالزكاة ولمشقة النقل. ورد بأنه يؤدي إلى حرمان بعضهم وهو مخالف للآية (وأما الأخماس الأربعة) التي كانت لرسول الله (ص) مضمونة إلى خمس الخمس، (فالأظهر أنها للمرتزقة) لعمل الأولين به لأنها كانت لرسول الله (ص) لحصول النصرة به كما مر، والمقاتلون بعده هم المرصدون لها كما قال: (وهم الأجناد المرصدون للجهاد) بتعيين الإمام لهم، سموا مرتزقة لأنهم أرصدوا أنفسهم للذب عن الدين وطلبوا الرزق من مال الله. وخرج بهم المتطوعة وهم الذين يغزون إذا نشطوا، فإنما يعطون من الزكاة لا من الفئ عكس المرتزقة والثاني:
أنها للمصالح كخمس الخمس وأهمها المرتزقة وعلى الأول لو لم يف المال بحاجة المرتزقة وهم فقراء صرف الإمام لهم من سهم سبيل الله، وإذا علم أن الأخماس الأربعة للمرتزقة (فيضع الإمام) لهم (ديوانا) ندبا كما صرح به الإمام، وهو ظاهر كلام أبي الطيب، وإن أفهم كلام الروضة الوجوب. وأول من وضعه في الاسلام سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه