قريب أو زوج، ولا فقير غير المسلمين كالزكاة، ولكن يجوز نقلها. والفرق بينها وبين الزكاة أن الأطماع لا تمتد إليها امتدادها في الزكاة، إذ الزكاة مطمع نظر الفقراء من حيث إنها مواظبة دائرة بخلاف الوصية، ولهذا يجوز تقييدها بفقراء سائر البلاد. (ولو جمعهما) أي الفقراء والمساكين في الوصية، (شرك) بضم أوله الموصى به بينهما (نصفين) فيجعل نصفه للفقراء ونصفه للمساكين، فلا يقسم ذلك على عدد رؤوسهم، ولا يجب استيعابهم، بل يستحب عند الامكان، (أقل) ما يكفي من (كل صنف) من العلماء والفقراء والمساكين (ثلاثة) لأنها أقل الجمع، بخلاف بني زيد وبني عمرو فإنه يشترط استيعابهم بأن يقسم على عدد رؤوسهم كما أفاده كلام الروضة، فلو دفع لاثنين من العلماء أو الفقراء أو المساكين غرم للثالث أقل متمول، وقيل: الثلث، ولا يصرفه له بل يسلمه للقاضي، ويصرفه له بنفسه أو يرده إليه ليدفعه هو.
قال الزركشي: وقد ذكروا فرعا، وهو أنه إذا أوصى لأقاربه وله قريب واحد هل يكون له الكل أو النصف أو الثلث؟
خلاف فليكن هنا نظيره اه. وهو ظاهر، والأصح ترجيح الأول كما سيأتي. ويشترط في الفقراء والمساكين الموصى لهم أن يكونوا أحرارا فلا مدخل للمماليك في ذلك كما نص عليه. (وله) أي الموصي والحاكم عند فقده، (التفضيل) بين آحاد كل صنف بحسب الحاجة. ولا تجب التسوية بل يتأكد تفضيل الأشد حاجة وعيالا، والأولى تقديم أقارب الموصي الذين لا يرثون ثم جيرانهم ثم معارفه، هذا إذا لم يكونوا محصورين فإن أوصى لفقراء بلد وهم محصورون وجب استيعابهم والتسوية بينهم كتعيينهم، ويشترط قبولهم بخلاف الوصية المطلقة للفقراء. ولو عين فقراء بلد ولا فقير بها لم تصح الوصية.
(أو) وصى (لزيد والفقراء، فالمذهب أنه) أي زيد (كأحدهم في جواز إعطائه أقل متمول) لأنه ألحقه بهم في إضافته، وذلك يقتضي التسوية. فإن قيل: قد يكون زيد فقيرا فيتناوله لفظ الفقراء فلا فائدة لذكره. أجيب بأن له فائدتين: منع الاخلال به، وعدم اعتبار فقره كما يشير إليه قوله: (لكن) زيد (لا يحرم) بضم أوله وإن كان غنيا كما يحرم أحدهم، لعدم وجوب استيعابهم كما مر لنصه عليه.
تنبيه: اعترض تعبيره بالمذهب، فإن المسألة فيها سبعة أوجه: أصحها ما جرى عليه المصنف، وبقية الأوجه مذكورة في المبسوطات، وقد ذكرت أكثرها في شرح التنبيه فلا نطيل بذكرها. هذا إذا أطلق زيد، فإن وصفه بوصفهم، كأن قال: لزيد الفقير والفقراء وكان غنيا أخذ نصيبه الفقراء لا وارث الموصي وإن كان فقيرا، وإن وصفه بغير وصفهم كأن قال: لزيد الكاتب والفقراء استحق زيد النصف، أو وصى لزيد وجماعة محصورين أعطي زيد النصف واستوعب بالنصف الآخر جماعته، أو وصى لزيد بدينار وللفقراء بثلث ماله لم يعط أكثر من الدينار وإن كان فقيرا لأنه قطع اجتهاد الموصي بالتقدير. أو وصى لزيد وجبريل أو له والحائط أو الريح أو نحوها مما لا يوصف بالملك كالشيطان أعطي زيد النصف وبطلت الوصية في الباقي كما لو أوصى لابن زيد وابن عمرو وليس لعمرو ابن، ولو أضاف الحائط كأن قال: وعمارة حائط المسجد أو حائط دار زيد صحت الوصية وصرف النصف في عمارته. أو وصى لزيد والملائكة أو الرياح أو الحيطان أو نحوها أعطي أقل متمول كما لو أوصى لزيد والفقراء، وبطلت الوصية فيما زاد عليه. أو أوصى لزيد ولله فلزيد النصف والباقي يصرف في وجوه القرب لأنها مصرف لحقوق الله تعالى. ولو أوصى بثلث ماله لله تعالى صرف في وجوه البر على ما ذكر. وإن لم يقل لله تعالى صرف للمساكين. ولو أوصى لأمهات أولاده وهن ثلاث وللفقراء والمساكين جعل الموصى به بينهم أثلاثا. (أو) وصى (لجمع معين غير منحصر كالعلوية) والهاشمية وبني تميم، (صحت) هذه الوصية (في الأظهر) كالوصية للفقراء. والثاني: البطلان، لأن التعميم يقتضي الاستيعاب وهو ممتنع، بخلاف الفقراء فإن عرف الشرع خصصه بثلاثة فاتبع. (و) على الأول (له الاقتصار على ثلاثة) كما في الفقراء.
فائدة: من خصائصه (ص): أن أولاد بناته ينسبون إليه، وهم الاشراف الموجودون ومنهم