منها التين والزبيب والمبادرة إلى التنقية بالاسهال والقئ، ويضره أمور: منها حبس الريح واستعمال الماء البارد. قال الأذرعي: ينبغي أن يقال هذا إن أصاب من لم يعتده. فإن كان ممن يصيبه كثيرا ويعافى منه كما هو مشاهد فلا، انتهى.
وقد يقال إن هذا غير القسم الأول، لأنه عند الأطباء أقسام. (و) منه (ذات جنب) وسماها الشافعي رضي الله تعالى عنه ذات خاصرة، وهي قروح تحدث في داخل الجنب بوجع شديد ثم تتفتح في الجنب ويسكن الوجع، وذلك وقت الهلاك.
وإنما كانت مخوفة لقربها من القلب والكبد، ومن علاماتها ضيق النفس والسعال والحمى الملازمة والوجع الفاحش تحت الأضلاع، أجارنا الله تعالى من ذلك. (و) منه (رعاف) بتثليث الراء، (دائم) أو كثير لأنه ينزف الدم ويسقط القوة، بخلاف غير الدائم القليل، فإنه من مصالح البدن (و) منه (إسهال متواتر) أي متتابع، لأنه ينشف رطوبة البدن ويسقط القوة، بخلاف غير المتتابع كإسهال يوم أو يومين، فليس مخرفا إلا أن يخرج معه دم من عضو شريف كما يقتضيه كلامهم، أو انضم إليه انخراق بطن بحيث لا يمسك الطعام ويخرج غير مستحيل (و) منه (دق) بكسر الدال، وهو داء يصيب القلب ولا تمتد معه الحياة غالبا. (و) منه (ابتداء فالج) وهو استرخاء أحد شقي البدن طولا، ويطلق أيضا على استرخاء أي عضو كان، وسببه غلبة الرطوبة والبلغم. وإنما كان ابتداؤه مخوفا لأنه إذا هاج ربما أطفأ الحرارة الغريزية. وإذا استمر لم يخف منه الموت عاجلا فلا يكون مخوفا. (و) منه (خروج الطعام) مع الاسهال كما في الشرحين والروضة، فلو ذكره عقب متواتر كان أولى، فإنه من تتمته، وكذا صنع في المحرر حيث قال: والاسهال إن كان متواترا، وكذا إذا خرج الطعام (غير مستحيل) وغير منصوب على الحال، ويمتنع الجر على الصفة لكونه نكرة وما قبله معرفة إلا أن يجعل التعريف فيه للجنس. (أو كان يخرج) مع الاسهال أيضا (بشدة ووجع) ويسمى الزحير، أو بعجلة ويمنعه من النوم، (أو) لا بشدة ووجع (و) لكن (معه دم) من عضو شريف ككبد، بخلاف نحو دم البواسير. قال الشارح: وذكر كان مع المضارع لإفادة التكرار. (و) منه (حمى مطبقة) بكسر الباء وفتحها بخطه: أي لازمة، واقتصر الجوهري على الفتح وتبعه المصنف في تحريره وهو أشهر. (أو) حمى (غيرها) أي غير المطبقة وهي خمسة أنواع: حمى الورد، وهي التي تأتي كل يوم. وحمى الغب، وهي التي تأتي يوما وتقلع يوما. وحمى الثلث، وهي التي تأتي يومين وتقلع يوما. وحمى الأخوين، وهي التي تأتي يومين وتقلع يومين (إلا الربع) فليست مخوفة وهي التي تأتي يوما وتقلع يومين، لأنه يقوى في يومي الاقلاع وتسميها العامة المثلثة. وقد يتخيل أنه أصوب من تسمية الفقهاء لها بالربع لما مر من المدة، لكن فسرها الثعالبي في فقه اللغة بما قاله الفقهاء وإلحاقها بربع الإبل في ورود الماء وهو في اليوم الثالث. ويستثنى أيضا حمى يوم أو يومين إلا إن اتصل بها قبل العرق موت فقد بانت مخوفة، بخلاف ما إذا اتصل بها بعد العرق، لأن أثرها زال بالعرق والموت بسبب آخر. والحمى اليسيرة ليست مخوفة بحال. والربع والورد والغب والثلث بكسر أولها.
تنبيه: قد علم من قول المصنف: ومن المخوف عدم انحصاره فيما ذكره، وهو كذلك فإنها كثيرة، فمنه هيجان المرة الصفراء والبلغم والدم بأن يتورم وينصب إلى عضو كيد ورجل فيحمر وينتفخ. ومنه الطاعون وهو هيجان الدم في جميع البدن وانتفاخه وإن لم يصب المتبرع إذا كان مما يحصل لأمثاله كما قاله الأذرعي. ومنه القئ الدائم أو المصحوب بخلط من الاخلاط كالبلغم أو دم. ومنه الجراحة إذا كانت نافذة إلى الجوف، أو كانت على مقتل، أو في موضع كثير اللحم، أو حصل معها ضربان شديد، أو تأكل أو تورم. ومنه البرسام بكسر الموحدة وهو ورم في حجاب القلب أو الكبد يصعد أثره إلى الدماغ. (والمذهب أنه يلحق بالمخوف) من الأمراض السابقة، (أسر كفار اعتادوا قتل الاسرى) ولو اعتاد البغاة أو القطاع قتل من أسروه كان الحكم كذلك كما بحثه الزركشي. أما من لم يعتد قتل