في نقض المنهدم منها فقط كما نقله ابن الرفعة عن النص وقطع به الجمهور، ولا أثر لانهدامها بعد الموت وقبل القبول وإن زال اسمها بذلك لاستقرار الوصية بموت وبقاء اسم الدار يومئذ.
فروع: لو أوصى بمنفعة رقيق مثلا سنة ثم أجره سنة ومات عقب الإجارة بطلت وصيته، لأن المستحق للموصى له السنة الأولى، فإذا انصرفت إلى جهة أخرى بطلت الوصية، أو مات بعد ستة أشهر بطلت في النص الأول. ولو حبس الرقيق الوارث السنة بلا عذر غرم للموصى له الأجرة، ولا أثر لانقضاء مدة الإجارة قبل موته. ولو أوصى بخدمة عبد لشخص سنة غير معينة صح ذلك ويعين الوارث ذلك. قال الأذرعي: ويشبه أن يقال يحمل الاطلاق على سنة متصلة بموته لا سيما إذا كان الموصى له مضطرا إلى من يخدمه لمرض أو زمانة وعلم الموصي حاله وقصد إعانته، وأما إحالة الامر على تعيين الوارث فليس بالواضح، قال: لكن يشهد له قول القاضي: لو أوصى بثمرة هذا البستان سنة ولم يعينها فتعيينها إلى الوارث اه. وقد يدل للبحث المسألة الأولى، فإن الوصية حملت فيها على السنة الأولى، وقد يفرق بأن الوصية بالمنافع تقتضي تمليكه بجميع منافعه فكان المناسب لذلك الحمل على السنة الأولى، وهناك خصه بنوع منها وهو الخدمة، فجعلت الخيرة في زمنه للوارث، ولو أوصى لزيد بمائة معينة ثم بمائة أخرى معينة استحقهما، وإن أطلقهما أو إحداهما فمائة لأنها المتيقنة المنفعة. ولو أوصى له بمائة ثم بخمسين فخمسون فقط، لأنه ربما قصد تقليل حقه فيؤخذ باليقين. وإن أوصى له بخمسين ثم بمائة فمائة لأنها المتيقنة، فلو وجدنا الوصيتين ولم نعلم المتأخرة منهما أعطي المتيقن وهو خمسون لاحتمال تأخر الوصية بها. ولو أوصى لزيد بمائة ولعمرو بمائة ثم قال لآخر: أشركتك معهما أعطي نصف ما بيدهما، ولو أوصى بعين لزيد ثم أوصى بها لعمرو لم يكن رجوعا عن وصيته، لاحتمال إرادة التشريك فيشرك بينهما، كما لو قال دفعة واحدة: أوصيت بها لكما. لكن لو رد أحدهما الوصية في الأولى كان الكل للآخذ، بخلافه في الثانية فإنه يكون له النصف فقط لأنه الذي أوجبه الموصي صريحا بخلافه في الأولى. ولو أوصى بعين لزيد ثم بنصفها لعمرو وقبلا اقتسماها أثلاثا ثلثاها للأول وثلثها للثاني، فإن رد الأول فنصفها للثاني، أو الثاني فكلها للأول، كذا قالاه. قال في المهمات: وهو غلط، بل الصواب أن يقال للأول ثلاثة أرباعه وللثاني الربع إذ النصف للأول، وقد شركه مع الثاني في النصف الآخر. واعترضه البلقيني بأن الطريقة التي أشار إليها طريقة ضعيفة والصواب المعتمد المنقول في المذهب ما ذكراه عملا بطريقة العول التي نص عليها الشافعي في الأم واختارها ابن الحداد، وتقريرها أن يقال: معنا مال ونصف مال فنضيف النصف على الكل فتكون الجملة ثلاثة تقسم على النسبة فيكون لصاحب المال ثلثاه ولصاحب النصف الثلث. وإن أوصى بعبد لزيد ثم أوصى بعتقه أو أوصى بعتقه ثم أوصى به لزيد كان رجوعا عن الوصية الأولى في أحد وجهين مقتضى كلام أصل الروضة ترجيحه، لأن الثانية ليست من جنس الأولى، وبهذا فارق ما لو أوصى بعين لزيد ثم أوصى بها لعمرو. ولو قال: أوصيت لزيد بثلث مالي مثلا إلا ثلث مالي كان استثناء مستغرقا، وهل يلغو الاستثناء كما في الطلاق والاقرار ونحوهما أو يكون رجوعا عن الوصية كما يؤخذ من قول ابن الرفعة في الاستثناء المستغرق في الاقرار: أن قوله له علي عشرة إلا عشرة بمنزلة قوله له علي عشرة ماله علي شئ اه. فكأنه قال في الوصية: أوصيت له بكذا ما أوصيت له بشئ وهذا رجوع، وظاهر كلام الشيخين كأكثر الأصحاب الأول، وصرح المارديني بتصحيح الثاني وبرهن عليه بأشياء كثيرة في كشف الغوامض وشرحه، وهذا هو الذي يظهر.
فصل: في الوصاية كما عبر بها في المحرر والروضة، وعدل المصنف عنها إلى التعبير بالايصاء، لأن المبتدئ قد لا يفهم الفرق بين الوصية والوصاية الذي اصطلح عليه الفقهاء من تخصيصهم الوصية بكذا والوصاية بكذا كما قدمته أول الباب، فقال: (يسن الايصاء بقضاء) الحقوق من (الدين) ورد الودائع والعواري وغيرها، (و) في (تنفيذ الوصايا) إن كانت، (و) في (النظر في أمر الأطفال) ونحوهم كالمجانين ومن بلغ سفيها بالاجماع واتباعا للسلف وإن كان القياس منعه لانقطاع سلطنة الموصي وولايته بالموت، لكن قام الدليل على جوازه، فروى سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة