برقبته فرد الموصى له بالمنفعة الوصية عادت إلى الوارث كما اختاره السبكي.
تنبيه: ذكر المصنف العبد مثال، فإن منفعة الدار وثمرة البستان كذلك. ولو انهدمت الدار الموصى بمنافعها فأعادها الوارث بآلتها عاد حق الموصى له كما صححه المصنف. ولو غصب الموصى بمنافعه فأجرته عن مدة الغصب للموصى له لا للوارث، بخلاف نظيره في المؤجر لأنها هنا بدل حقه بخلافها ثم، فإن الإجارة تنفسخ في تلك المدة فتعوذ المنافع إلى مالك الرقبة. (وتصح) الوصية (بحج) وعمرة (تطوع في الأظهر) بناء على الأظهر من جواز النيابة فيه لأنها عبادة تدخل النيابة في فرضها فتدخل في نفلها كأداء الزكاة. فإن قيل: قد نقض هذا في المجموع بالصوم فإنه لا نيابة في نقله قطعا. أجيب بأن النيابة تصح في فرض الزكاة وفرض الحج في الحياة بشرطه وبعد الممات، وهو المراد، فصحت النيابة في نفلهما. وأما فرض الصوم فلم تصح النيابة فيه في الحياة بحال فلم تقع المشابهة بينه وبينهما فلا ينقض به ذلك. فإن قيل: ذكروا هنا في الصوم عن المريض المأيوس وجهين من غير ترجيح، قال الرافعي: تشبيها بالحج، وقضيته الجواز فلا يصح الجواب المذكور.
أجيب بأنهم صرحوا في باب الصوم بأنه لا يصح الصوم عن حي بلا خلاف معذورا كان أو غيره، ولا يلزم من التشبيه الاتحاد في الترجيح. قال الزركشي: ويجئ الخلاف في حج الوارث أو الأجنبي عمن مات ولم يجب عليه الحج لفقد الاستطاعة، ومنهم من قطع بالصحة لأنه يقع عن الواجب فيها، ولهذا لو تكلف في الحياة وقع عن فرضه اه. والقطع أظهر والثاني: المنع، لأن الضرورة في الفرض منتفية في التطوع. وعلى الأول تحسب من الثلث فتبطل إن عجز الثلث أو ما يخص الحج منه عن أجرة الحج، ويرجع للوارث كما قاله القاضي حسين في باب الحج، وفرق بينه وبين ما لو أوصى بالعتق ولم يف ثلثه بجميع ثمن الرقبة حيث يعتق بقدره على وجه بأن عتق البعض قربة كالكل والحج لا يتبعض. ثم شرع فيما يفعل عن الميت فقال:
(ويحج) بضم أوله، (من بلده أو الميقات كما قيد) عملا بوصيته، هذا إن وسعه الثلث وإلا فمن حيث أمكن، نص عليه في عيون المسائل. (وإن) لم يقيد بل (أطلق) الحج (فمن الميقات) يحج عنه (في الأصح) حملا على أقل الدرجات. والثاني: من بلده، لأن الغالب التجهيز للحج منه. وأجاب الأول بأن هذا ليس بغالب.
تنبيه: هذا إذا قال: حجوا عني من ثلثي، فإن قال: حجوا عني بثلثي فعل ما يمكن به ذلك من حجتين فأكثر، فإن فضل ما لا يمكن أن يحج به كان للوارث كما مر. (وحجة الاسلام) وإن لم يوص بها تحسب على المشهور (من رأس المال) كسائر الديون وأولى، وكذا كل واجب بأصل الشرع كالعمرة والزكاة والكفارة سواء أوصى به في الصحة أم في المرض.
وحجة النذر كحجة الاسلام على الأصح، كذا قالاه، قال ابن الرفعة: ومحله إذا التزمه في الصحة، فإن التزمه في المرض فمن الثلث قطعا، قاله الفوراني ونقله البلقيني عن الإمام وقال: ينبغي الفتوى به. (فإن أوصى بها من رأس المال أو) من (الثلث عمل به) وهو في الأولى تأكيد لأنه المعتبر بدونها، وفي الثانية قصد الرفق بالورثة لتوفير الثلثين فتزاحم الوصايا، بخلاف ما لو أوصى بعتق أم الولد من الثلث فإنها تعتق من رأس المال، لأن الاستيلاد إتلاف فلم تؤثر فيه الوصية، فإن لم يف الثلث بما ذكر لم يقدم الحج بل يوزع عليها وعلى الحج بالحصة ويكمل الواجب من رأس المال، كما لو قال اقضوا ديني من ثلثي فلم يف الثلث به، وحينئذ تدور المسألة لتوقف معرفة ما تتم به على معرفة ثلث الباقي. وطريق استخراجه فيما لو أوصى بحجة الاسلام من الثلث والأجرة لها مائة وأوصى لزيد بمائة والتركة ثلاثمائة أن يفرض ما يتم به الحج شيئا يبقى ثلاثمائة إلا شيئا انزع منها ثلثها وهو مائة إلا ثلث شئ اقسمه بين الحج وزيد نصفين، فنصيب الحج خمسون إلا سدس شئ، فيضم إلى ذلك الشئ مبلغ خمسين وخمسة أسداس تعدل مائة وذلك تمام الأجرة، فأسقط خمسين بخمسين يبقى خمسة أسداس شئ في مقابلة خمسين، وإذا كان خمسة أسداس الشئ خمسين كان الشئ ستين، فانزع الستين من رأس المال، ثم خذ ثلث الباقي وهو ثمانون اقسمه بين الوصيين يحصل لصاحب الوصية أربعون وللحج