مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٠
تنبيه: قضية إطلاقهم بطلان وصية المبعض، قال الأذرعي: ولم أر فيه نصا، وقياس التوريث عنه الصحة اه‍. فتصح فيما يستحقه ببعضه الحر لأنه يورث عنه. قال شيخنا: وظاهر أن محله في غير العتق لأن العتق يستعقب الولاء، والمبعض ليس من أهله اه‍. والذي يظهر كما قال شيخي الصحة، لأن الرق ينقطع بالموت، والعتق لا يكون إلا بعده. ثم شرع في الركن الثاني، وهو الموصى له، فقال: (وإذا أوصى لجهة عامة، فالشرط) في الصحة (أن لا تكون) الجهة (معصية كعمارة كنيسة) للتعبد فيها ولو ترميما، وكتابة التوراة والإنجيل وقراءتهما، وكتابة كتب الفلسفة والنجوم وسائر العلوم المحرمة، ومن ذلك الوصية لدهن سراج الكنيسة تعظيما لها، أما إذا قصد انتفاع المقيمين والمجاورين بضوئها، فالوصية جائزة وإن خالف في ذلك الأذرعي. سواء أوصى بما ذكر مسلم أم كافر، بل قيل: إن الوصية ببناء الكنيسة من المسلم ردة. ولا تصح أيضا الوصية ببناء موضع لبعض المعاصي كالخمارة. وإذا انتفت المعصية فلا فرق بين أن يكون قربة كالفقراء أو بناء المساجد وعمارة قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وألحق الشيخ أبو محمد بها قبور العلماء والصالحين لما فيه من إحياء الزيارة والتبرك بها. أو مباحة لا تظهر فيها القربة كالوصية للأغنياء وفك أسارى الكفار من المسلمين، لأن القصد من الوصية تدارك ما فات في حال الحياة من الاحسان، فلا يجوز أن تكون معصية.
تنبيه: أطلق المصنف منع الوصية بعمارة الكنيسة، ومحله في كنيسة للتعبد كما قيدت به كلامه، أما كنيسة تنزلها المارة أو موقوفة على قوم ليسكنوا بها أو تحمل أجرتها للنصارى فيجوز، نص عليه في كتاب الجزية. وحكى الماوردي وجها:
أنه إن خص نزولها بأهل الذمة حرم، واختاره السبكي. ولو أوصى ببنائها لنزول المارة والتعبد لم يصح في أحد وجهين يظهر ترجيحه تغليبا للحرمة. (أو) أوصى (لشخص) أي معين، ولو عبر به بدلا عن الشخص كما فعل في الوقف لكان أولى، ليدخل ما إذا تعدد إفراده: كزيد وعمرو وبكر. (فالشرط) عدم المعصية كما يؤخذ من التعليل السابق. وخرج بالمعين الوصية لاحد الرجلين فلا تصح نعم إن كان بلفظ العطية، كأعطوا العبد لاحد الرجلين صح كما حكاه الرافعي عن المهذب والتهذيب وغيرهما، تشبيها بما إذا قال لوكيله: بعه لاحد الرجلين و (أن يتصور له الملك) عند موت الموصي ولو بمعاقدة وليه. وقضية هذا إنها لا تصح لميت، لكن ذكر الرافعي في باب التيمم: أنه لو أوصى بماء لأولى الناس به وهناك ميت قدم على المتنجس أو المحدث الحي على الأصح، وهذه في الحقيقة ليست وصية لميت بل لوارثه لأنه هو الذي يتولى أمره.
تنبيه: مقتضى هذا التقسيم أنه لا بد من ذكر الموصى له معينا أو عاما، لكن كلام الرافعي في باب الوقف يقتضي الاتفاق على أنه لا يشترط. وقال في زوائد الروضة هنا: لو قال: أوصيت بثلث مالي لله تعالى صرف في وجوه البر، ذكره صاحب العدة وقال: هو قياس قول الشافعي. ويؤخذ من اعتبار تصور الملك اشتراط كون الموصى به مملوكا للموصى فتمتنع الوصية بمال الغير، وهو قضية كلام الرافعي في الكتابة، لكنه هنا حكي وجهين. قال المصنف: وقياس الباب الصحة، أي يصير موصى به إذا ملكه قبل موته، وهو المعتمد وإن نوزع في ذلك. ولو أرسل الوصية ولا شئ له صح كما قاله الرافعي في الركن الخامس من الطلاق، كالنذر، وكذا لو علق بملكه له، كأن قال: أوصيت به لفلان إن ملكته فصير موصى به إذا ملكه، فإن كان يملك بعضه صحت قطعا. قال القاضي أبو الطيب: ويؤخذ منه أيضا أن الوصية لا تصح لجني، وبه صرح ابن قدامة الحنبلي لأنه لا يملك بالتمليك، وهو موافق لمن منع نكاح الجنية، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى في كتاب النكاح. ثم فرع المصنف على تصور الملك قوله:
(فتصح) الوصية (لحمل) موجود ولو نطفة كما يرث بل أولى لصحة الوصية لمن يرث كالمكاتب. أما لو قال لحملها الذي سيحدث فالأصح البطلان. (وتنفذ) بمعجمة، (إن انفصل) الحمل (حيا) حياة مستقرة، فلو انفصل ميتا ولو بجناية فلا شئ له كما لا يرث (وعلم
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460