من قولهم: تخنث الطعام إذا اشتبه أمره فلم يخلص طعمه المقصود وشارك طعم غيره، سمي الخنثى بذلك لاشتراك الشبهين فيه، وهو على ضربين: أحدهما أن لا يكون له فرج رجل ولا فرج امرأة بل يكون له ثقبة يخرج منها البول ولا يشبه فرج واحد منهما. الثاني وهو أشهرهما: ما له آلة الرجال والنساء. (إن لم يختلف إرثه) بذكورته وأنوثته، (كولد أم ومعتق فذاك) ظاهر فيدفع إليه نصيبه. (وإلا) بأن اختلف إرثه بهما، (فيعمل باليقين في حقه) أي الخنثى، (و) في (حق غيره، ويوقف المشكوك فيه حتى يتبين) حاله ولو بإخباره. ولا دلالة على اتضاحه بمعنى الضرب الأول للبول فيه، بل يوقف أمره حتى يصير مكلفا فيختبر بمثله، قاله البغوي ونقله عند المصنف في مجموعه. قال الأسنوي: ولا ينحصر ذلك في الميل بل يعرف أيضا بالحيض والمني المتصف بصفة أحد النوعين. وأما بمعنى الضرب الثاني فيتضح بالبول من فرج، فإن بال من فرج الرجال فرجل أو من فرج النساء فامرأة أو منهما فالسبق لأحدهما. فإن اتفقا ابتداء اتضح بالتأخر لا الكثرة وتزريق وترشيش، فإن اتفقا ابتداء وانقطاعا وزاد أحدهما أو زرق أو رشش فلا اتضاح. ويتضح أيضا بحيض وإمناء إن لاق بواحد من الفرجين، وسواء أخرج منه أم منهما بشرط التكرر. ولو بال أو أمني بذكره وحاض بفرجه أو بال بأحدهما وأمنى بالآخر فمشكل، ولا أثر للحية ولا لنهود ثدي ولا لتفاوت أضلع. فإن عدم الدال السابق اختبر بعد بلوغ وعقل، فإن مال بإخباره إلى النساء فرجل أو إلى الرجال فامرأة. ولا يكفي إخباره قبل بلوغه وعقله ولا بعدهما مع وجود شئ، من العلامات السابقة، لأنها محسوسة معلومة الوجود، وقيام الميل غير معلوم فإنه ربما يكذب في إخباره. والذي يتصور أن يكون خنثى من الورثة ثمانية: الولد وولده، الابن والأخ وولده، والعم وولده، والمعتق وعصباته. قال الصيمري: ومن ألقى عليك أبا خنثى أو أم خنثى فقد ألقى محالا. قال ابن المنذر: وقد أجمع كل من يحفظ عنه العلم أن الخنثى يرث من حيث يبول، وروي مرفوعا عن النبي (ص) لكنه ضعيف. فإن ورث على أحد التقديرين دون الآخر لم يدفع إليه شئ ووقف ما يرثه على ذلك التقدير، ففي زوج وأب وولد خنثى للزوج الربع وللأب سدس، وللخنثى النصف، ويوقف الباقي بينه وبين الأب. وفي ولد خنثى وأخ يصرف إلى الولد النصف ويوقف الباقي. وفي ولد خنثى وبنت وعم يعطى الخنثى والبنت الثلثين بالسوية ويوقف الباقي الخنثى والعم، فإن مات مشكلا تعين الاصطلاح. ولو اتفق الذين وجد المال بينهم على تساو أو تفاوت جاز، أي إذا لم يكن فيهم محجور عليه، وإلا فلا يجوز للولي أن يصالح عنه بأنقص مما يستحقه. قال الإمام: ولا بد أن يجري بينهم تواهب وإلا لبقي المال على صورة التوقف، وهذا التواهب لا يكون إلا عن جهالة، لكنها تحتمل للضرورة. ولو أخرج بعضهم نفسه من البين ووهبه لهم على جهل بالحال جاز أيضا كما قالاه. (ومن اجتمع فيه جهتا فرض وتعصيب كزوج وهو معتق أو) زوج هو (ابن عم ورث بهما) فيأخذ النصف بالزوجية والآخر بالولاء أو بنوة العم، لأنه وارث بسببين مختلفين، فأشبه ما لو كانت القرابتان في شخصين. واحترز بقوله: جهتا فرض عن الأب حيث يرث بالفرض والتعصيب، فإنه بجهة واحدة وهي الأبوة: (قلت) أخذا من الرافعي في الشرح: (فلو وجد في نكاح المجوس أو الشبهة بنت هي أخت) لأب، بأن وطئ بنته فأولدها بنتا ثم ماتت العليا فقد خلفت أختا من أب وهي بنتها، (ورثت بالبنوة) فقط. ( وقيل: بهما) أي البنوة والاخوة، (والله أعلم) فتستغرق المال إذا انفردت. ورد بأنهما قرابتان يورث بكل منهما منفردين فيورث بأقواهما مجتمعين، لأنهما كالأخت لأبوين لا ترث النصف بأخوة الأب والسدس بإخوة الأم. وهذا استدراك على قول المحرر في جهتي الفرض والتعصيب ورث بهما، ولذلك استغنى أن يقول في الأخت لأب. وهذا الاستدراك مستدرك إذ ليس مع الأخت في هذه الصورة بنت حتى تكون الأخت مع البنت عصبة، وإنما الأخت نفسها هي البنت فكيف تعصب نفسها
(٢٩)